وقال صاحب" مختصر السنن": كثر العلماء قالوا: كان هذا في أول
الإسلام ثم نسخ، واستدل الشافعي على نسخة بحديث البراء بن عازب
فيما أفسدت ناقته، فلم ينقل عن النبي- عليه السلام- في تلك القضية
أنه ضعَف الغرامة، بل نقل فيها حكمه بالضمان فقط. وقال بعضهم:
يشبه أن يكون هذا على سبيل التوعد لينتهي فاعل ذلك. وقال بعضهم:
إن الحق مستوفى منه غير متروك عليه، وإنْ شطر ماله، كرجل كان
له ألف شاة فتلفت حتى لم يبق إلا عشرون، فإنه يأخذ منه عشر شياه
كصدقة الألف، وهو شطر ماله الباقي، أي: نصفه، وهو بعيد، لأنه
لم يقل " إنا آخذوا شطر ماله " وقال الشافعي في القديم: من منع زكاة
ماله أخذت منه، وأخذ شطر ماله عقوبة على منعه , واستدل بهذا الحديث.
وقال في الجديد: لا يؤخذ منه إلا الزكاة لا غير، وجعل هذا الحديث منسوخاً وقال: كان ذلك حين كانت العقوبات في المال ثم نسخت،
ومَن قال: إن بهز بن حكيم ثقة احتاج إلى الاعتذار عن هذا الحديث بما
تقدم، فأما من قال لا يحتج بحديثه فلا يحتاج إلى شيء من ذلك، وقد
قال الشافعي في بهز: ليس بحجة. ْ فيحتمل أن يكون ظهر له ذلك منه
بعد اعتذاره عن الحديث، أو أجاب عنه تقدير الصحة. وقال
أبو حاتم الرازي في بهز بن حكيم: هو شيخ، يكتب حديثه ولا يحتج
به. وقال ابن حبان: كان يخطئ كثيراً. فأما أحمد بن حنبل وإسحاق بن
إبراهيم فهما يحتجان به، ويرويان عنه، وتركه جماعة/ من أئمتنا، ولولا حديثه " إنا آخذوه وشَطر أمواله، عزمة من عزمات ربنا " لأدخلناه
في الثقات.
قوله: " عزمة "منصوب بفعل محذوف تقديره عزم الله علينا عزمة،
والعزمة الحق والواجب، و" عزمات الله "حقوقه وواجباته.
قوله: " ليس لآل محمد منها شيء " تأكيد لقوله "عزماً من عزمات ربنا"
والمعنى: إن هذا حق وفرض من فرائض الله تعالى، يعني: وليس لآل
محمد من هذا الفرض شيء، أي: نصيب، حتى يتركوا ما ينالهم.
والحديث أخرجه النسائي.