للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" عمر "، والذي في الثاني راجع إلى " رسول الله " - عليه السلام-.

وقوله: " آنفاً " أي: قريباً، وهو بالمد على اللغة المشهورة، وبالقصر

على لغة صحيحة، وأصله من الائتناف، وهو الابتداء، ومعناه: الآن أو

الساعة، وانتصابه على الظرفية.

قوله: " ما منكم من أحد " مقول القول الثاني.

قوله: " أشهد أنْ لا إله إلا الله " من الشهادة، وهي خبر قاطع، تقول

فيه: شهد الرجل على كذا وشهده شهوداً أي: حضره، وقوم شهود:

حُضور، و" أن " فيه مخففة من المثقلة، والأصل: أشهد أنه لا إله إلا

الله، و" إلا " هاهنا بمعنى غير، أي: لا إله في الوجود غير الله.

قوله: " وأن محمداً " أي: وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، وهو

اسم مأخوذ من الحمد، يقال: حمدت الرجل فأنا أحمده إذا أثنيت عليه

بجلائل خصاله، وأحمدته وحمدته (١) محموداً، ويقال: رجل

محمود، فإذا بلغ النهاية في ذلك وتكامل فيه المناقب والمحاسن فهو

محمد

قال الأعشى يمدح بعض الملوك:

إليك أبيْت اللعن كان كلالُها ... إلى الماجد القرعْ الجواد المحمد

أراد الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة، وهذا البناء أبدا يدل على

الكثرة وبلوغ النهاية، فتقول في المدح: محمد، وفي الذم: مذمم،

ومنه قولهم: حُماداك أن تفعل ذلك، أي: غايتك، وفعلك المحمود

منك غير المذموم أن تفعل كذا، والفرق بين محمد وأحمد: أن الأول

مفعول، والثاني اسم تفضيل. والمعنى: إذا حمدتُ أحدا فأنت محمدٌ،

وإذا حمدني احدٌ فأنت أحمدُ، وإنما جمع بين قوله: " عبده ورسوله "

نفياً لتوهم ما يزعم النصارى في حق عيسى ابن مريم- عليه السلام-،


(١) في الأصل: " حدته ".

<<  <  ج: ص:  >  >>