للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعلٌ ذلك غداً* إلا أن يشاء اللهُ) (١) أي: إلا أن تقول: إن شاء الله،

لم يدل على تخصيص الاستثناء بالغد دون غيره من الأوقات في المستقبل

كبعد الغد، وبعد شهر، أو سنة ونحوها. وكذا قوله- عليه السلام-:

" لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسلن فيه من الجنابة " (٢) لم

يدل على التخصيص بالجنابة دون غيرها من أسباب الاغتسال كالحيض

والنعاس، وأما استدلال الأنصار على انحصار الغسل على الماء، فليس

من دلالة التنصيص على التخصيص، بل باللام المعرفة الموجبة للاستغراق

عند عدم المعهود، فيصير المعنى: جميع الاغتسالات المتعلقة بالمني منحصر

فيه لا يثبت لغيره، فلا يحب الغسل بالإكسال لعدم الماء، لكن نحن

نقول: إن الماء تارة يثبت عياناً كما في حقيقة الإنزال، ومرة دلالة كما في

التقاء الختانين، فإنه سبب لنزول الماء، فأقيم مقامه لكونه أمراً خفيا كالنوم

أقيم مقام الحدث، لتعذر الوقوف عليه.

٢٠٠- ص- حدّثنا محمد بن مهران الرازي قال: ثنا مُبشر الحلبي، عن

محمد أبي غسان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: حدثني أبي بن

كعب أن الفتيا التي كانوا يفتُون أن الماء من الماء كأنتْ رُخصةً رخّصها

رسولُ الله/في بدء الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعدُ (٣) .

ش- محمد بن مهران الجمال أبو جعفر الرازي. سمع: معتمر بن

سليمان، وجرير بن عبد الحميد، وعيسى بن يونس، وفضيل بن عياض،

وبهز بن أسد، ومبشرا (٤) الحلبي، وغيرهم. روى عنه: أبو زرعة،

وأبو حاتم، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وغيرهم. توفي أول سنة

تسع وثلاثين ومائتين (٥) .


(١) سورة الكهف: (٢٣، ٢٤) .
(٢) تقدم برقم (٥٨) .
(٣) انظر الحديث السابق.
(٤) في الأصل: " مبشر ".
(٥) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (٢٦/٥٦٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>