للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكنى عنه بذلك، [و] يكتفي بما ذكر عن التصريح، وإنما رجح هذا

لأنه أقرب إلى الحقيقة في الجلوس بينهما، وأما إذا حُمل على نواحي

الفرج فلا جلوس بينهما، وقد يكتفي بالكناية عن التصريح لا سيما في

أمثال هذا المكان، الذي يستحي من التصريح بذكرها، وأيضاً فقد نقل

عن بعضهم أنه قال: الجهد من أسماء النكاح، فلا يحتاج أن يجعل

قوله: " قعد بين شعبها الأربع " كناية عن الجماع، فإنه صرح به بعد

ذلك، وهو قوله: " ثم جهدها "، وهذا في رواية البخاري ومسلم،

وفي رواية أبي داود أيضاً يصرح بذلك بقوله: " وألزق الختان بالختان "

وليس في رواية الصحيحين ذلك، وفي لفظ لمسلم: " وإن لم ينزل "،

والضمير في " شعبها " يرجع إلى المرأة، وإن لم يمض ذكرها، لدلالة

السياق عليه كما في قوله تعالى/: (حتى توارتْ بالحجاب) (١) .

قوله: " وألزق الختان " أي: موضع الختان؛ لأن الختان اسم للفعل،

أي: ألزق موضع الختان بموضع الختان منها، ومعنى الحديث: أن إيجاب

الغسل لا يتوقف على نزول المني، بل متى غابت الحشفة في الفرج وجب

الغسل عليهما وإن لم ينزل، وهذا لا خلاف فيه اليوم، وقد كان فيه

خلاف لبعض الصحابة ومن بعدهم كما ذكرناه، ثم انعقد الإجماع على

ما ذكرناه، والدبر مثل القبل مُطلقاً، ويجب على المفعول به أيضاً،

وشرط الإنزال في البهيمة والميتة عندنا خلافاً للشافعي ومالك وأحمد، ولو

أولج الحشفة بخرقة إن وجد لذة يجب وإلا فلا، وعندهم يجب مطلقاً،

ولو غيب بعض الحشفة لا يترتب عليه شيء بالإجماع إلا في وجه شاذ

للشافعية أن حكمه حكم الكل، وقال الشيخ محيي الدين (٢) : " إذا كان

الذكر مقطوعاً، فإن بقي منه دون الحشفة لم يتعلق به شيء من الأحكام،

وإن كان الباقي قدر الحشفة فحسب تعلقت الأحكام بتغييبه بكماله، وإن

كان زائداً على قدر الحشفة ففيه وجهان مشهوران، أصحهما: أن الأحكام


(١) سورة ص: (٣٢) .
(٢) انظر: " شرح صحيح مسلم " (٤/٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>