للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون البخاري ما أراد إلا الجُلاب- بالجيم المضمومة، وتخفيف اللام-

وهو ماء الورد، فارسي مُعرب؛ لأن " كل " عندهم الورد، و " آب "

المل، فلما عُرب أبدل من الكاف جيم، والمحفوظ في البخاري بالحاء

المهملة، وهو بها أشبه؛ لأن الطيب لمن يغتسل بعد الغسل أليق منه قبله

وأولى؛ لأنه إذا بدأ به ثم اغتسل أذهبه الماء، وقال ابن الأثير في باب

الجيم مع اللام (١) . " وفي حديث عائشة: كان إذا اغتسل من الجنابة دعا

بشيء نحو الجلاب. قال الأزهري: أراد بالجُلاب ماء الورد، والله

أعلم ". قلت: الذي تشهد به العبارة " من السياق والسباق أن المراد به

الإناء، يتأمله من له ذوق في طرق التركيب.

قوله: " فبدأ بشق رأسه الأيمن " الشق- بكسر الشين، وتشديد القاف

بمعني: الجانب، وبمعنى: نصف الشيء، ومنه: " تصدقوا ولو بشق

تمرة " أي: نصفها.

وقوله: " الأيمن " صفة للشق، وكذلك الأيسر.

قوله: " فقال ما " أي: بالكفين، واعلم أن العرب تجعل القول عبارة

عن جميع الأفعال، وتطلق على غير الكلام فتقول: قال بيده، أي:

أخذ. وقال برجله، أي: مشى. وقالت له العينان: سمعاً وطاعة،

أي: أومأت- والمعنى هاهنا قال بكفيه على رأسه، أي: وقلب. وفي

حديث آخر: " فقال بثوبه " أي: رفعة، وكل ذلك على المجاز،

والاتساع، ويُقال: إن " قال " تجيء لمعان كثيرة بمعنى: أقبل، ومال،

واستراح، وذهب، وغلب، وأحبّ " وحكم، وغير ذلك. وسمعت

أهل مصر يستعملون هذا في كثير من ألفاظهم، ويقولون: أخذ العصا

وقال به كذا، أي: ضرب به. وجمع كفه وقال بها في رقبته، أي:

لكمها، وأخذ الجندة وقال بها على جسمه، أي: لبسها، وغير ذلك،


(١) النهاية (١/٢٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>