للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في وقت من الأوقات إلا مرة واحدة في وقت انقطاع حيضها، وبهذا قال

جمهور العلماء من السلف والخلف، وهو مروى عن عليّ، وابن مسعود،

وابن عباس، وعائشة، وهو قول عروة بن الزبير، وأبي سلمة بن

عبد الرحمن، ومالك، وأبي حنيفة، وأحمد. وروي عن ابن عمر،

وابن الزبير، وعطاء بن أبي رباح أنهم قالوا: يحب عليها أن تغتسل لكل

صلاة، ورُوي هذا أيضاً عن عثمان، وابن عباس، ورُوي عن عائشة:

أنها تغتسل كل يوم غسلاً واحداً، وعن ابن المسيب والحسن قالا: تغتسل

من صلاة الظهر إلى صلاة الظهر دائماً. ودليل الجمهور: أن الأصل عدم

الوجوب، فلا يجب إلا ما ورد الشرع بإيجابه، ولم يصح عن النبي

- عليه السلام- أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع حيضها، وهو

قوله- عليه السلام-: " إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت

فاغتسلي " (١) ، وليس في هذا ما يقتضي تكرار (٢) الغسل. وأما

الأحاديث التي وردت هاهنا وفي " سنن البيهقي " أيضاً وغيرهما، أن

النبي- عليه السلام- أمرها بالغسل، فليس فيها شيء ثابت، قد بينوا

ضعفها.

فوله: " ثم لتستثفر " أي: لتشد فرجها بخرقة عريضة، توثق طرفها

في حقب تشده على وسطها بعد أن تحتشي كرسفاً فيمتنع بذلك الدم،

ويحتمل أن يكون ذلك مأخوذاً من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها،

ويقال معناه: فلتستعمل طيباً يُزيل به هذا الشيء عنها، لأن الاستثفار مثل

الاستذفار تقلب الثاء ذالاً، ويسمى الثوب طيباً؛ لأنه يقوم مقام الطيب

في إزالة الرائحة.

فإن قيل: من أين كانت تحفظ هذه المرأة عدد أيامها التي كانت تحيضها

أيام الصحة؟ قلت: لو لم تكن تحفظ ذلك لم يكن لقوله- عليه

السلام-: " لتنظر عدد (٣) الأيام والليالي التي كانت تحيضهن من الشهر


(١) يأتي بعد سبعة أحاديث.
(٣) كذا، ولفظ الحديث: " عدة ".
(٢) غير واضحة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>