عليه؛ وذلك لأن الشيطان إنما يقوى أمرُه في هذه الأوقات؛ لأنه يُسول
لعبَدة الشمس أن يسجدوا لها في هذه الأوقات الثلاثة. وقيل: قرنه:
حزبه وأصحابُه الذين يعبدون الشمس، يُقال: هؤلاء قرن أي: نَشؤٌ
جاءوا بعد قرن مَضى. وقيل: إن هذا تمثيل وتشبيه؛ وذلك أن تأخير
الصلاة إنما هو من تسويل الشيطان لهم وتَسويفِه وتَزيينه ذلك في قلوبهم،
وذوات القرون إنما تعالج الأشياء وتدفعها/بقرونها، فكأنهم لما دافعوها
وأخّروها عن أوقاتها بتسويل الشيطان لهم حتى اصفرت الشمس: صار
ذلك منه بمنزلة ما تعالجه ذوات القرون بقرونها، وتَدفعه بأرواقها. وفيه
وجه آخر: وهو أن الشيطان يقابل الشمس حين طلوعها، وينتصبُ
دونها، حتى يكون طلوعها بين قرنَيه- وهما جانبا رأسه- فينقلب سجود
الكفار للشمس عبادةَ له. وقرنا الرأس فَودَاهُ وجانباه، ومنه سمّي ذو
القرنَينِ؛ وذلك لأنه ضُرب على جانبي رأسه فلُقّب به والله أعلم (١) .
قلت: يمكن [حمل] الكلام على حقيقته، ويكون المراد: أنه يُحاذيها
بقَرنَيه عند غروبها، وكذا عند طلوعها؛ لأن الكفار يسجدون لها حينئذ
فيقارنَها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له، ويُخيّل لنفسه
وأعوانه أنما يَسجدون له، فيكون له ولشيعته تَسلطٌ.
قوله: " فنقَرَ أربعا " أي: أَربع ركعات، ونقَر من نقر الديك أو
الغراب، وهو كناية عن تخفيفها جدا بحيث لا يمكثُ فيها إلا قدر وضع
الديك أو الغراب منقاره فيما يُريد أكله.
قوله: " لا يذكر الله فيها إلا قليلا " صفة لقوله: " أربعَا "؛ وذلك
لاستعجاله فيها خوفا من غروب الشمس، لا يقدر أن يأتي بالقراءة كما
ينبغي، ولا بالتسبيحات والأدعية على صفتها، وانتصابُ " قليلاَ " على أنه
صفة لمصدر محذوف والتقدير: لا يَذكر الله فيها إلا ذكرا قليلا. وفيه
- أيضا- ذم صريح لمن يخفّف في الصلاة غايةَ بحيث أنه يؤدي إلى ترك
الواجبات. والحديث: أخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي.
(١) إلى هنا انتهى النقل من معالم السنن.