للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٩٨- ص- ثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر أن

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الذي تفوتُه صَلاةُ العَصر فكأنما وُتِرَ أهلَه ومَالَهُ " (١) .

ش- " الذي " مبتدأ وخبره: " فكأنما "، وقد عرف أن المبتدأ إذا

تضمن معنى الشرط يدخل في خبره الفاء، نحو: الذي يأتيني فله درهم؛

وذلك إنما يكون إذا كان المبتدأ مَوصولا، صلته فعل مثل هذا، أو ظرف

نحو (وَما بكُم مَن نِّعمَة فَمِنَ اللهِ) (٢) أو كان المبتدأ نكرة موصوفة

بأحدهما كقوَلك: كل رجًل يأتيني أو في الدار فله درهم؛ وإنما تدخل

الفاء لما فيه من القصد إلى أن الأول سبب للثاني فيكون كالشَّرط.

قوله: " أهلَه ومالَه " " (٣) مَنصوبان، هو الصحيح المشهور الذي عليه

الجمهور على أنه مفعول ثان لِـ " وُتِرَ "، فا " ضمر فيه مفعول ما لم يسمّ

فاعله عائدا إلى الذي فاتته الصلاة، ويجوز أن يكونا مَنصوبَين بنزع

الخافض؛ والمعنى: فكأنما وتر في أهله وماله، فلما حذف الخافض

انتصَبَ، والمعنى: نقص هو أهلَه ومالَه وسُلِبَهم، فبقي وترا فردًا بلا أهل

ومال، فليحذر من تفويتها كحذره من ذهاب أهله، وماله. وأما وجه

رفعهما: فعلى ما لم يُسم فاعله، ولا يكون حينئذ في " وُتر " إضمارٌ،

بل يكون مُسندا إلى الأهل، والمال يكون معطوفا عليه، والمعنى: فكأنما

انتُزِعَ منه أهلُه ومالُه. وهذا تفسير مالك بن أنس. وقال أبو عمر بن

عبد البر: معناه عند أهل اللغة والفقه: أنه كالذي يُصاب بأهله وماله

إصابةَ يطلب بها وِتراً، والوِتر: الجنايةُ التي يُطلب ثأرها، فيجتمعَ عليه

غَمان: غم المصيبة، وغمّ مقاساة طلب الثأر. وقال الداودي من المالكية:


(١) البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب: إثم من فاتته العصر (هـ٥٢) ،
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: التغليظ في تفويت صلاة
العصر ٢٠١ (٦٢٦) .
(٢) سورة النحل: (٥٣) .
(٣) انظر: شرح صحيح مسلم (٥/١٢٥-١٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>