قوله: " ثامنوني بحائطكم " أي: قدروا ثمنه لأشتريه منكم وبايعوني
فيه؛ يُقال: ثامنتُ الرجل في البَيع أثامنه إذا قاولته في ثمنه، وساومتَه على
بَيعه وشرائه. والحائط: البُستان؛ يؤيده: ما ذكر فيه من قوله: وكان فيه
نخل.
قوله: " إلا إلى الله " أي: لا نطلب ثمنه إلا من الله. وفي " صحيح
الإسماعيلي " هكذا: " إلا من الله ".
قلت: يحوز أن تكون " إلى " هاهنا على معناها لانتهاء الغاية؛ ويكون
التقدير: نُنهِي طلب الثمن إلى الله تعالى، كما في قولهم: أحمد إليك
الله؛ والمعنى: أُنهِي حمدَه إليك؛ والمعنى: لا نَطلبُ منك الثمن؛ بل
نتبرعُ به، ونطلب الثمن- أي: الأجر- من الله تعالى؛ وهذا هو
المشهور في " الصحيحين " - أيضا- وذكر محمد بن سَعد في " الطبقات "
عن الواقدي أن النبي- عليه السلام- اشتراه منهم بعشرة دنانير؛ دفعها
عنه: أبو بكر الصديق- رضي الله عنه-.
قوله: " وكانت فيه خَرِبٌ " قال أبو الفرجِ: الرواية المعروفة: " خَرِبٌ "
- بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء- جمع خرِبَة؛ كما يقال: كلمة وكلم.
وقال أبو سليمان: وحدثناه الخيام بكسر الخًاء وفتح الراء؛ وهو جمع
الخراب؛ وهو ما يخرب من البناء في لغة بني تميم؛ وهما لغتان
صحيحتان رُوينا. وقال الخطابي: لعل صوابه: " خُرَب " - بضم الخاء-
جمع خُربة؛ وهي الخروق في الأرض؛ إلا أنهم يقولونها في كل ثُقبة
مستديرة في أرض أو جدار، قال: ولعل الرواية " جِرَف " جمع الجِرَفة؛
وهي جمع الجُرُف؛ كما يقال: خُرج وخُرَجة، وتُرس وتِرَسَة. وأبين
من ذلك- إن ساعدته الروايةُ- أن يكون: " حُدبا " جمع " حَدَبَةِ "؛
وهو الذي يَليقُ بقوله فسُويت؛ وإنما يُسوى المكان المُحدودب أو موضع من
الأرض فيه خروق وهدُوم؛ فأما الخِرَبُ فإنها تُعَمَر ولا تُسوى. قال
عياض: هذا التكلف لا حاجة إليه؛ فإن الذي ثبت في الرواية صحيح
المعنى؛ كما أمر بقطع النخل لتسوية الأرض أمر بالخِرب فرفعت رسومها،
٢٣ * شرح سنن أبي داوود ٢