للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُشَيبَاتٌ وثمامٌ، الأمرُ أعجل من ذلك " وجعلوا طوله مما يلي القبلة إلى

مؤخره مائة ذراع، وفي هذين الجانبين مثل ذلك؛ فهو مربع- ويقال:

كان أقل من المائة-، وجعلوا الأساس قريبًا من ثلاثة أذرع على الأرض

بالحجارة، ثم بنوه باللَّبِن. وفي " المغازي " لابن بكير، عن ابن

إسحاق: جعلت قبلة المسجد من اللبن- ويقال: بل من حجارة- منضودة

بعضها على بعضٍ.

قوله: " وجَعلوا عضادتيه حجارة " العضادة- بكسر العين- هي جانب

الباب. وقال صاحب " العين ": أعضاَد كل شيء: ما يشده من حواليه

من البناء وغيره؛ مثل عضاد الحوض؛ وهي صفائح من حجارة تُنصَبن

على شفيره، وعضادتا الباب: ما كان عليهما يُطبق البابُ إذا اصفِق.

وفي " الَتهذيب " للأزهِري: عضادتا الباب: الخشبتان المنصوبتان عن يمين

الداخل منه وشماله، فوقهما العارضة.

فوله: " وهم يرتجزون " جملة اسمية وقعت حالا من الضمير الذي في

" ينقلون " يقال: ارتجزوا وتراجزوا إذا تعاطوا بَينهم الرَجزَ. واختلف

العروضيون في الرجز: هل هو شعر أم لا؟ مع اتفاقهم أن الشعر لا

يكون شعرا إلا بالقَصد، فإن جرى كلام موزون بغير قصد لا يكون شعرا؛

وعليه يحمل ما جاء عن النبي- عليه السلام- من ذلك؛ لأن الشعر

حرام عليه بنص القراَن. قال القرطبي: الصحيح في الرجز: أنه من

الشعر؛ وإنما أخرجه من الشعر من أشكل عليه إنشاد النبي- عليه السلام-

إياه فقال: لو كان شعرا لما عُلِّمه، قال: وهذا ليس بشيء؛ لأن من

أنشد القليل من الشعر أو قاله أو تمثل به على وجه الندور لم يستحق

اسم شاعرٍ، ولا يقال فيه: إنه يعلم الشعر، ولا يُنسب إليه، ولو كان

ذلك كذلك للزم أن يقال للناس كلهم شعراء. وقال السفاقسي: لا

يطلق (١) على الرجز شعرا؛ إنما هو كلام مسجع؛ بدليل أنه يقال


(١) في الأصل: " ينطلق "

<<  <  ج: ص:  >  >>