الصلاة. فقال رسولُ الله: " عَلمها بلالاً فليؤذن بها " فكان بلالٌ أول من
أذن بها. قالَ: وجاءهَ عُمر بن الخطاب فقال: يا رسولَ الله! إنه قد
طاف بي مثل الذي طاف به، غير أنه سبَقني؛ فهذان حَولان. قال:
وكانوا يأتون الصلاة وقد سَبَقَهم النبيّ- عليه السلام- ببَعضِها فكان
الرجل يُشيرُ إلى الرجل إذا جاء: كَم صَلّى؟ فيقول: واحدة أو اثنتَين،
فيصليها ثم يدخل مع القَوم في صلاتِهم. قال: فجاء معاذٌ فقال: لا
أجده على حال أبدا إلا كنتُ عليها، ثم قَضيتُ ما سَبقنِي. قال: فجاء
وقد سبقه النبي- عليه السلام- ببَعضِها. قال: فثبتَ معه، فلما قضى
رسول الله صلاته قام فقضى، فقال رسول الله: " إنه قد سنن لكم مُعاذٌ
فهكذا فاصنعُوا " فهذه ثلاثة أحوالٍ الحديثَ.
قوله: " قال: وحدثنا أصحابنا " أي: قال عبد الرحمن بن أبي ليلى:
حدثنا أصحابنا.
قلتُ: إن أراد به الصّحابةَ فهو قد سمع من جماعة من الصحابة؛
فيكون الحديث مُسندا؛ وإلا فهو مُرسلٌ، وذكر الترمذي ومحمد بن
إسحاق بن خزيمة أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن
جبل. وقال الشيخ زكي الدين في " مختصر السنن ": وما قالاه ظاهر
جدا؛ فإن ابن أبي ليلى قال: وُلدتُ لست بقين من خلافة عمر؛ فيكون
مولده سنة سبع عشرة من الهجرة، ومعاذ توفي سنة سبع عشرة أو ثمان
عشرة، وقد قيل: إن مولده لست مضين من خلافة عمر؛ فيكون مولده
على هذا بعد موت معاذ. ولم يَسمع ابن أبي ليلى- أيضاً- من عبد الله
ابن زيد الأنصاري.
قوله: " أو المؤمنين " شكّ من الراوي.
قوله: " لقد هممتُ أن أبُث رجالا " أي: لقد أرَدتُ؛ من هممتُ
بالشيء اهُتم هَما إذا أرَدتُه؛ ومعنى أبُث: أُفرّق؛ من البَث وهو النَشر
و" أن " مَصدرية؛ والتقدير: لقد هممتُ بَث رجالٍ " في الدور ". أي:
القبائل.