للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجب الخطبتين والصلاة. انتهى.

والمعتمد الثاني، وهو تأخير الظهر حتى ييأس من فعل صلاة الجمعة بأن يضيق الوقت عن واجب الخطبتين مع الاجتماع والصلاة، ووجهه أن الجمعة هي المخاطب بها حالا، وبه يلغز فيقال لنا: صلاة لا يصح فعلها أول الوقت، ويجب تأخيرها إلى آخره، وهي الظهر هنا، والله أعلم.

(فصل في اللباس)

[مطلب: في اللباس ولبس الأحمر ما حكمه؟ الخ]

(سئل) عن لبس الأحمر ما حكمه، فإن رجلا أعجميا يخطئ الناس بلبسه تارة بالكفر وتارة بالحرمة، فهل هو مخطئ أو لا؟

(أجاب) اعلم وفقني الله وإياك، أن جميع الألوان والأنواع من الثياب كلها جائزة إلا الحرير كله، أو أكثره وزنا، غير ما استثني حله، مثل فجأة الحرب والجرب، والحكة والصبي والمجنون، وإذا لم يجد غيره وما طرف، أو سجف، وإلا المزعفر كله، أو أكثره للتشبه بالنساء، وإلا المعصفر على ما ذهب إليه البعض، والأصح حله، وبقية الألوان الأصفر والأخضر كلها حلال لقول الله تعالى {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده} وقوله تعالى {خذوا زينتكم عند كل مسجد}.

وفي شمائل الترمذي حدثنا محمود بن غيلان، أنبأنا عبد الرزاق أنبأنا سفيان عن عوف بن أبي جحيفة عن أبيه قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في بطحاء مكة في حجة الوداع - كما صرح به في رواية البخاري - وعليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بريق ساقيه".

قال شارحه المناوي: ولبس - صلى الله عليه وسلم - الأحمر القاني مع نهيه عنه ليبين جوازه، وأن النهي للتنزيه، وعلى هذا المنوال ما ورد "أنه يصبغ بالورس والزعفران ثيابه حتى عمامته" رواه أبو داود، مع كونه نهى عنه، وروى الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أنه كان يلبس يوم العيد بردة حمراء". قال الهيتمي: ورجاله ثقات.

وروى البيهقي في السنن "أنه كان يلبس بردة حمراء في العيدين والجمعة"، فقد ظهر لك من هذه الأدلة جواز لبس الأحمر، وأن النهي الوارد للتنزيه، قال ابن حجر: ويجوز الثوب المسبوغ بأي لون كان إلا المزعفر وكذا المعصفر، ولكن خولف فيه، فشمل كلامه الأحمر، وفي حديث رواه الحسن مرسلا الحمرة من زينة الشيطان، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المعصفر للرجال، واعلم أنه زينة الشيطان، والتختم بالحديد، واعلم أنه حلية أهل النار، ولذلك تعلق بهذا من ذهب إلى تحريم لبس الأحمر، وقد علمت بطلان هذا التعلق، وأن النهي محمول على كراهة التنزيه، وللسلف فيه سبعة أقوال:

الأول: الجواز مطلقا، وهو مذهب الجمهور.

الثاني: المنع مطلقا.

الثالث: يحرم المشبع بالحمرة، ويحل ما سبغه خفيف.

الرابع: يكره الأحمر بقصد الزينة، والشهرة، ويجوز في البيوت.

الخامس: يجوز لبس ما صبغ غزله، ثم نسج

<<  <  ج: ص:  >  >>