فإن الله تعالى هو الولي المعبود؛ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، والله يعلم المفسد من المصلح. وأول بلاء أصاب بني إسرائيل أنه كان إذا أذنب الضعيف عوقب، وإذا أذنب القوي لا يعاقب، فهلا تبع هذا المدعي الحكم القوي وأخذ منه وأعرض عن هذا الضعيف ولم يأخذ منه، ولكن كل ضعيف فالله وليه فينتقم له، والله أعلم.
[مطلب في رجل دفع لآخر مائة قرش إلخ]
(سئل) في رجل دفع لآخر مائة قرش ليضارب له فيها، ثم إنه لما دعي للحساب إنما أقر بخمسين منها، فادعي عليه بالخمسين عند قاض صغير فأنكرها وتعذر عليه إقامة البينة فحلف، فهل إذا وجد معه شاهدا وحلف يمينا بالخمسين المنكر يقضي له بذلك؟
(أجاب) لو طلب المدعي يمين خصمه وقال: لا بينة لي حاضرة ولا غائبة أو قال: كل بينة أقيمها فهي زور، ثم أقام بينة شرعية كالشاهد واليمين في مسألتنا؛ لأن ذلك مما يقضى به في الأموال، وما يرجع إليه قضي له بذلك؛ لأن الإنسان قد ينسى بينته، ثم يتذكرها، ويذكره الشاهد بشهادته ولأن الإنسان قد يطلب حلف خصمه اعتمادا على أمانته؛ ليقر له فلا يحتاج إلى إقامة البينة ولأنه يريد تكذيب الخصم في حلفه، ثم إقامة البينة عليه فلا يمنع الحلف من إقامة البينة عليه كل ذلك من صريح شرح المنهج وغيره، والله تعالى أعلم.
[كتاب الدعوى والبينات]
[مطلب في رجل اشترى من آخر حصة إلخ]
(سئل) في رجل اشترى من آخر حصة في فرس، والآن يدعي أنها غصبت منه قبل الشراء، فهل تسمع الدعوى، وللمشتري مدة سنين مقر بالشراء؟
(أجاب) اعلم أن للدعوى شروطا ستة من جملتها أن لا تناقضها دعوى أخرى، فحيث ثبت أن المدعي اشترى الفرس من البائع، ثم ادعى أنها غصبت قبل الشراء لا تسمع دعواه؛ لوجود التناقض الواقع في دعواه؛ لأن شراءه مشعر بثبوت الملك للبائع، ودعواه الغصب صريح في عدمه في التناقض والله أعلم.
[مطلب في رجل قال لآخر بعني فرسك]
(سئل) في رجل قال للآخر: بعني فرسك فلم يرض فكرر عليه ذلك مرارا فلم يرض فادعى بعد ذلك أنها فرسه وبنت فرسه، فهل تقبل دعواه هذه؟
(أجاب) طلب المدعي شراء الفرس ممن هي تحت يده مشعر بثبوت الملك له دون المدعي، وقوله: إن الفرس بنت فرسه لا تسمع به الدعوى أيضا ففي هذه الدعوى تناقض من جهة طلبه الشراء. ومن فساد قوله: بنت فرسه؛ إذ لا يلزم من كونها بنت فرسه أن تكون ملكا له؛ لاحتمال مزيل له من بيع وغيره واحتمال وصية بولد الفرس فلا تسمع دعواه للوجهين المذكورين والله أعلم.
[مطلب عن رجل مات وترك زوجة إلخ]
(سئل) عن رجل مات وترك زوجة وأولادا، ثم وجد تحت يدها