للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان ما أنعم به على داود راجعا لسليمان عليهما الصلاة والسلام وآل داود؛ لأن ما ثبت له من الفخر ثابت لولده وآله، قال تعالى: {اعملوا آل داود} الشامل لسليمان وغيره، بل ولداود إلا أنه ما جمع الجميع إلا لسليمان آخرة الأمر مع ما أوتيه من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، وكل ذلك ببركة بنائه لبيت المقدس وتعظيمه له حتى بنى قبة الصخرة المشرفة ثمانية عشر ميلا في الهواء لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ولهذا لما أحكم البناء سأل الله ثلاث خصال ملكا لا ينبغي لأحد من بعده وحكما يواطئ حكمه تعالى، ومن أتى هذا المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه أن يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، قال - صلى الله عليه وسلم -: أما اثنتان فأعطيهما سليمان وأنا أرجو الثالثة، وهي الأخيرة، والمقام يحتاج لبسط كبير ليس هذا محله، والله أعلم.

[مطلب: فيمن كتب آية أو حديثا وعلقه على شجرة أو غيرها.]

(سئل) فيما إذا كتب إنسان آية من كتاب الله العزيز أو حديثا من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلق ذلك على شجرة لأجل التبرك بالقرآن والسنة والتيمن ورجاء أن يبارك الله تعالى في ثمر تلك الشجرة، فهل ذلك جائز بلا كراهة، ويكون ملحقا بالتميمة التي تعلق على الرأس تيمنا وتبركا بالقرآن، ورجاء الشفاء ببركة القرآن أو محرم أو مكروه ككتابة القرآن على الأحجار والحيطان وهل إذا اعترض معترض على ذلك وقال: هذا محرم؛ لأنه صلب للقرآن، يسلم له هذا الاعتراض؟

(أجاب) اعلم أن القرآن لا يكون قرآنا إلا بالقصد، قال ابن حجر: العبرة في قصده الدراسة والتبرك حال الكتابة دون ما بعدها وبالكاتب لنفسه أو غيره التبرك وإلا فآمره@ أو مستأجره، وظاهر عطف هذا على المصحف أن ما يسمى مصحفا عرفا لا عبرة بقصد دراسة ولا تبرك، وأن هذا إنما لا يعتبر فيما لا يسماه، فإن قصد به دراسة حرم أو تبرك لم يحرم. انتهى.

قال الشيخ على الحلبي: لأنه لا يسمى قرآنا إلا بالقصد، فهو قابل للصرف، ولهذا لو حمله في متاع وقصد المتاع لم يحرم، وهكذا لو قرأ القرآن وهو جنب لا يقصد القرآن لم يحرم، وأنت ترى جميع الأئمة مصرحين بجواز كتابة بعض القرآن تمائم تعليقا تبركا وشربا، كذلك لا فرق في ذلك على الأشجار التي تظهر من الآي عليها الأنوار والأسرار كما علمت من قبول القرآن للصرف وغيره كالدرس وللشرب تبركا كما يتلى عليك من النقول، منها ما أخرجه ابن أبي حاتم عن صفي بن ميسرة قال: رأيت على باب وهب بن منبه مكتوبا: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وذلك قول الله: {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله}. خرجه الجلال السيوطي في الدر المنثور.

ومنها ما نص عليه الفقهاء والعبارة للعباب أن المكتوب لغير دراسة كحرز وثوب ودرهم لا يحرم مسه ومنها ما ذكره الإمام اليافعي، وناهيك به جلالة في خواص بسم الله الرحمن الرحيم.

قال: وإذا كتبت

<<  <  ج: ص:  >  >>