للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدة المذكورة، فحدث من ذلك بها عنده جراحات في ظهرها وداء المغلة فكواها، ولم يأذن له في ذلك كله، ثم أرجعها إلى صاحبها فبسبب ذلك هلكت عند صاحبها، هل يلزم الرجل المذكور ضمانها، وهل لصاحبها أن يأخذ ولدها جميعا مجانا، ولا عبرة بما فعله من دفعه للفلاح على النصف، ويلزمه إحضاره وتسليمه ليد صاحب المهرة أم كيف الحال؟

(أجاب) لا ريب أن المأخوذ بالسوم مضمون، كما نص عليه الرملي وغيره، فالفرس مضمونة على آخذها حتى يردها، وتصرفه فيها زيادة على مدة السوم يصير بذلك غاصبا، ولا سيما إن طلبها مالكها فأبى، ويضمن حينئذ منافعها لتعديه؛ لأن زمن السوم يسير بحيث يتأملها ويعرضها على أهل المعرفة، ويضمن ما حدث فيها من عيب أيضا، ويجب عليه رد ولدها المضمون له أيضا، ولا سيما بالتعدي وتسليمه للغير من غير إذن مالكها، وأما الآخذ للحصان فله الرجوع على الدافع له بأجرة عمله؛ لأنه لم يعمل مجانا، والله تعالى أعلم.

[مطلب: رجل باع آخر بذر ذرة .. الخ.]

(سئل) في رجل باع آخر بذر ذرة ليزرعه ومضى على ذلك مدة نحو ثلاثين سنة، والآن يدعي أن ذلك البذر لم ينبت؛ لأنه زرعه، ولم ينبت، ويدعي على البائع بثمن الغلة ومنفعة الأرض وتعبه وتعب دوابه، مع أن البائع بذر من تلك الذرة واستغلها، فما الحكم الشرعي في ذلك؟

(أجاب) دعوى هذا الرجل المشتري لبذر الذرة باطلة عاطلة لا تسمع شرعا، ولا عرفا لعدم جريانها على موجب الشرع، أما الأول، فلعدم شرط الإنبات، حتى لو شرط الإنبات وشهد خبيران أنها لا تنبت، كان له الرد بالعيب. الثاني من أين يعلم أنها لم تنبت. الثالث: أن الإنبات بيد الواحد القهار لا بيد بائع، ولا غيره. الرابع أن الدعوى بعد هذه المدة توجب لمدعيها البلوى؛ لأنه فتح باب فساد وعناد يخشى على المدعي الغضب من رب العباد. الخامس الغلة، وهي بيد الله تعالى، وكيف يلزمه تعبه وتعب دوابه، وهو لم ينتفع بها، وهل نسب عدم الإنبات للأرض، أو لقلة العمل أو من مليك السماوات والأرض، فليتق الله المدعي لهذه الأباطيل، ولا يطيل.

وعبارة ابن حجر اختلف جمع متأخرون فيمن اشترى حبا للبذر بشرط أنه ينبت، والذي يتجه فيه أنه إن شهد قبل بذره لعدم إنباته خبيران، تخير في رده، فإن انتفى ذلك كله بأن بذره كله، فلم ينبت شيء مع صلاحيته، وتعذر إخراجه منها، أو صار غير متقوم، أو حدث به غيره فله الأرش، وهو ما بين قيمته حبا نابتا وحبا غير نابت، والله أعلم.

[مطلب: رجل اشترى من آخر شوالا من الدخان على أنه جبلي فظهر بخلافه .. الخ.]

(سئل) في رجل اشترى من آخر شوالا من الدخان بناء على أنه من دخان جبله فأخذه لمصر، ثم فتحه فوجده نوعين جبليا ورملاويا، وهو أقل من الجبلي، فما الحكم الشرعي؟

(أجاب) بيع الدخان في داخل الشوال لا يصح؛ لأن رؤية بعضه لا تدل على رؤية الباقي؛ لأنه لا بد من رؤية

<<  <  ج: ص:  >  >>