أولاد عم بعده يريدون أن يأخذوها قهرا عن أولادها ويتركوهم ضائعين لأجل زواجها وأخذ مهرها، وقال بعضهم: إن دفعت الزوجة مالا من مالها أو من مال أولادها بدل مهرها فاتركوها فهل هذا جائز شرعا يقول به أحد من العلماء الأعلام، أوضحوا لنا جوابا شرعيا لعل الله يزجر به أهل الفساد والعناد.
(أجاب) اعلم أن هذا الأمر وهو التفريق بين المرأة وأولادها قهرا لا يقول به أحد من علماء الإسلام لا شافعية ولا حنفية ولا مالكية ولا حنابلة ولا اليهود ولا النصارى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة.
فيجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يدفع ابن العم الصائل على هذه المرأة ويريد التفريق، فمن نصرها وتكلم معها خيرا نصره الله تعالى وحفظ عليه دينه وولده وماله، ومن أعان ابن عمها أو نصره عليها لا نصره الله وخذله وعليه وعلى ابن عمها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وكذلك من طلب منها أو من أولادها القصر مالا فهو من الضالين الباغين، فإن استحل ذلك كفر وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون، فالجنة ورضا الله للعالمين، والنار وغضبها للمخالفين، والله أعلم.
[مطلب: بينة مدعي الصحة مقدمة على مدعي الفساد.]
(سئل) عن رجل حصل له جنون بعد البلوغ ثم أفاق منه وكان يشتغل في حرفة الساقية ثم تزوج امرأة وأمهرها علية له، ودخل بها ومكث معها مدة من السنين ثم توفي، والآن وارثه يدعي أن جنونه كان مطبقا والنكاح باطل فلا مهر للزوجة بة والزوجة تدعي إفاقته من الجنون وقت النكاح وتطلب مؤخر صداقها وإرثها من مخلفاته، ومع كل بينة تشهد بمدعاه فما الحكم الشرعي في ذلك والحال أنه عقد النكاح عند حاكم الشرع على يد بينة وكتب بذلك صك في يد الزوجة فكيف الحكم.
(أجاب) لا ريب أن الزوجة تدعي هنا الصحة والوارث يدعي الفساد، ومدعي الصحة مصدق، وظاهر عبارة فتاوى ابن حجر أن مدعي الصحة مصدق باتفاق، وعبارته نصها إلا أن يحمل ما ذكروه في النكاح كما ذكره بعضهم على ما إذا عرف له حالة جنون وحالة إفاقة أو حالة حجر وحالة رشد واختلفا هل وقع العقد في حالة الحجر أو الجنون أم لا فحينئذ القول قول مدعي الصحة في النكاح خاصة وفرض السؤال الواقع له فيمن مات قبل الوطء وهنا وقع وطء ودخول وحكم حاكم بصحة النكاح فمسألتنا أحق وأولى بتصديق الزوجة لأمور منها ما ذكره ابن حجر ومنها كون ذلك وقع في مجلس الحكم الذي لا يجوز لعاقل أن يعقد له النكاح في حال جنونه ومنها حضور الشهود المقتضي حالهم ذلك ومنها كون الحق تعلق بالوارث المقتضي ذلك سقوط دعواه