المذكورة لوجود تقرير القاضي الخاص وهو مقدم على تقرير العام لو وجد وعارض هذا التقرير لكان الخاص مقدما عليه، كما صرح به غير واحد، هذا إذا لم يوجد سبق بأن قررا معا كيف، والتقرير الخاص سابق، والتأخير لا يعارضه لعدم التصريح برفع الأول فالأخوان مقدمان لأمور منها:
تقديم الخاص، ومنها البراءة العسكرية حيث كان مع ميزها إذن ممن له الإذن، ومنها عدم رفعهما بالبراءة المالية، ومنها تصرفهما وتصرف من قبلهما هذه المدة، ومنها أن البراءة المالية فيها أخذ الرجل عن أبيه ولم يعهد لأبيه تصرف ولا له اسم سابق في الجباية، كان ذلك مناديا ينادي على رءوس الأشهاد أن البراءة المالية وقع فيها اشتباه وخلاف إنهاء؛ لأنه وإن وجد في دفاترهم اسم موافق لاسم أبي المنهي، فمن أين يعلم أن ذلك الاسم اسم أبيه، وإن أقام على اسم أبيه بينة، فنقول له نعم أبوك اسمه ذلك، وقد تتوافق أسماء الآباء والأجداد، وهذا فن من فن الحديث يسمى "المتفق والمفترق" وهو أن تتحد الأسماء وتختلف المسميات نحو: خليل بن أحمد فهم ستة بل أكثر، يقال لكل منهم خليل بن أحمد، وقد وقع الاتفاق في اسم المحدث واسم أبيه واسم جده، مثل أبي بكر بن أحمد جعفر بن حمدان البغدادي، ومثل أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن عيسى السقطي.
ومن غريب ما اتفق محمد بن جعفر بن محمد ثلاثة متعاصرون ما توافي سنة واحدة، وهذا فن كبير من فنون علم الحديث يجب معرفته مخافة اللبس، فقد يظن المتعدد فيه واحدا عكس في الأنساب، فليتق الله رجل يكون لأبيه ولجده مثلا أسماء توافق غيرهما فيدعيهما لنفسه ويأخذ وظائف الغير بهذا الاشتباه.
وقولهم: إن البراءة المالية مقدمة على البراءة العسكرية، لعل محله ما إذا سبق تاريخ البراءة المالية أو وقعتا معا، أو اشتبه الحال، وإلا فالنائب كالقاضي والوزير كالسلطان، والوكيل كالأصيل فما معنى إبطال حكم النائب بحكم القاضي إذا لم يكن في حكم النائب خلل فيجب على المتولي أن يدفع للأخوين المذكورين معلوم جبايتهما، ثم إن المورد للبراءة المالية عن والده بطلب وظيفة محلولة عن والده، فإذا لم يوجد الأصل فمن أين يوجد الفرع كالكتابة على الماء، فهل لها ثبوت عليه لعدم أصل تعتمد عليه، فتأمل ما شرحناه لك، ولا تخض في الأحكام الشرعية بالخيالات الرديئة، والله تعالى أعلم.
[مطلب فيما شاع في هذه الأعصار من عدم سماع الدعوى إلخ.]
(سئل) فيما شاع في هذه الأعصار بعد الألف من الهجرة النبوية على مشرفها أفضل الصلاة وأتم التحية من عدم سماع الدعوى بعد مضي خمس عشرة سنة، ولا سيما لمن يشاهد التصرف وهو حاضر مثلا في البلد، هل لذلك أصل من الشرع القويم، وهل أحد ممن هو مشهور بالتأليف من أئمة الشافعية