{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} وقال تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} فمن دعي إلى الشرع وأبى فلا يخلو حاله من أمور منها عدم الرضى بما حكم الله تعالى به ورسوله فلا خلاف في كفره وردته، وتبين منه زوجته إن كانت قبل الدخول بها أو بعده وقد انقضت عدتها قبل توبته ورجوعه للإسلام وتحرم ذبيحته ومنها أن لا يكون الحامل له على ذلك إلا نفسه والتكبر فهو عاص آثم يخشى عليه الكفر، ومنها أن يجد في نفسه ميلا لغير الشرع لحب الدنيا لعلمه أنه في الشرع مغلوب فهو كذلك عاص مرتكب كبيرة لتقديمه غير الشرع عليه، ومنها أن يكون راضيا بحكم الشرع منقادا له غير أنه يدعي لرجل يحكم بينهما فلا يرضى به إما لخصومة بينه وبين الرجل المذكور وإما لعلمه بميله عن الحق أو رشوته، فهذا لا يضر الامتناع من الدعوى عنده، وأما قذف الرجل المدعي فيترتب على ألفاظه مقتضياتها من حد إن كان قذفه صريحا أو تعزير إن كان فيه أذية لخصمه. وأما الرجل الذي ينسب إلى شيخ من السادة الصوفية مثل سيدي عبد القادر أو سيدي أحمد الرفاعي وغيرهما فيجب عليه سلوك الأدب مع الله ورسوله ومع الخلق ويتحمل الأذى منهم، ويصبر على الجفا والجوع والسهر والعبادة والصوم والمراقبة، ويكون مع الناس ببدنه ومع الله بقلبه وتوجهه ومراقبته، والقيام بواجبات الشرع ونوافله، فإن كان بهذه الصفة فهو فقير صادق وشيخه إن كان أرقى منه ويحفظه عند الخطأ ووقوع المخالفة، ويمنعه بحاله وقاله عن كل ما يغضب الله تعالى فهو شيخ هاد حق، وطريقه طريق صدق، وإلا فكل منهما كاذب مفتر على الطريق مدنس لها هادم لها فهو عليها أضر من قطاع الطريق؛ لأنهم لم يدعوا سلوك طريق العارفين الواصلين. وأما مثل هؤلاء وأضرابهم فلا كثر الله منهم في الأرض، ولأنهم أضر على الناس من الأشقياء والفساق لتزينهم بزينة الصلاح، وفعلهم فعل أهل الضلال فضلوا وأضلوا وزلوا وما جلوا، ويجب على كل مؤمن يعرف الحق أن يأمرهم به وينهاهم عن الباطل والله تعالى أعلم.
[مطلب في رجل ربطه حاكم السياسة على مال كان على أهل بلدته إلخ]
(سئل) في رجل ربطه حاكم السياسة على مال كان على أهل بلدته، ثم إنه اجتمع أهل تلك البلد ووزعوا ذلك المال عليهم ودفعوا منه شيئا، وبقي منه شيء اختلفوا فيه وكل يمتنع من دفعه، فهل يكون لازما للجميع أو للمربوط وحده؟
(أجاب) من دفع شيئا من أهل البلد فهو متبرع به لا رجوع له به، وأما هذا الباقي على الرجل لا يلزم أحدا أن يدفع منه شيء والله تعالى أعلم.
(سئل) عن سؤال رفع للمرحوم العلامة الشيخ خير الدين الرملي فأجاب عنه وهذا صورة السؤال والجواب