تقليد من يرى بطلانه ممنوعا بل له تقليده؛ لأن هذه قضيه أخرى فلا تلفيق م ر .. انتهى. وكتب عليه ابن قاسم قوله فمن نكح مختلفا فيه أي كنكاح بلا ولي انتهى. وتقدم أن النكاح بلا ولي الذي هو عين مسألتنا صورتان: إما أن تزوج المرأة نفسها، أو توكل مع وجود الولي الصالح لعقد النكاح. وابن قاسم لم يتعرض لكلام ابن حجر هذا الأخير الواقع في فصل عاقد النكاح ومثله ممن يعتبر كلامه كالشبراملسي ولكن كلامه هذا مخالف لما مر له في فصل أركان النكاح السابق قبله من غير فاصل، وقد يقع له التناقض بخلاف الترجيح كما يحكيه هو عن نفسه أنه ينقل حكما ويرجحه ثم يقول: ثم رأيتني رجحت خلافه في باب كذا أو كتاب كذا فإن حمل كلامه هذا على اختلاف الترجيح فظاهر، لكن جمهور المتأخرين على ما صرحنا به في صدر السؤال من أنه لا يلتفت لإقامة البينة غير الحسبة ولا لإقرار الزوجين عند العقد بذلك أو غيره بالنسبة لسقوط التحليل، نعم إذا علم ذلك الزوجان لهما العمل به باطنا ولكن القاضي لا غيره له أن يفرق بينهما، ومثل ذلك إذا قامت بينة حسبة أن تصور قيامها، وقد يحمل كلام ابن حجر في فصل عاقد النكاح عليهما والجمع أولى من التعسف إن لم يحمل على اختلاف الترجيح، والله أعلم.
[مطلب: لو خطف رجل امرأة وعقد له عليها رجل أجنبي بإذنها أو بغير إذن لا يصح]
(سئل) فيما يقع في قرى بيت المقدس وجبل الخليل وما حولهما من أن الرجل يكون له قريبة ابنة عم أو غيرها وقد تكون أجنبية فيجدها في الخارج فيشهر عليها السلاح فيذهب بها إلى قرية أخرى ويدخلها دار رجل من أهلها ثم إنه يعقد له عليها برضاها أو بالإكراه لها مع وجود أوليائها مع فسق الشهود غالبا ولو لم يكن إلا إقرارهم على هذا المنكر القبيح حتى لو أن أباها أو أخاها لحقها لا يعتبرون له قولا ولا يعملون به حتى أن بعض جهالهم يقول: لو أنه خطفك لأدخلناه عليك. أفتونا مأجورين وبينوا لنا حال هذا المنكر العظيم.
(أجاب) اعلم أيها المؤمن بالله واليوم الآخر أن هذا منكر بإجماع المسلمين لا يقول به أحد منهم حتى اليهود والنصارى وسائر الملل السابقة على الإسلام فإن هذا من حفظ العرض الذي هو من الكليات الخمس؛ التي هي: حفظ العرض والدين والنفس والمال والعقل، وهذه الخمس قد اتفق على حفظها جميع الملل من لدن آدم إلى سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم، وشريعته الغراء مصرحة بذلك من الكتاب والسنة لا نعلم أحدا من العلماء من أهل الإسلام خالف في ذلك فمن يفعل ذلك ويأخذ ابنة عمه أو غيرها ويهتك سترها هتكه الله وليس هو ممن التزم ملة الإسلام ولا من اليهود الملعونين ولا من النصارى الضالين، فعليه غضب الله ورسوله وعلى من آواه أو أدخله بلده وأعانه بكلمة واحدة، بل يجب على كل مؤمن بالله