وجهالهم في محل متسع ليلا ويقيمون نارا ويتحلقون كحلقة الذكر، ثم تتجمل امرأة منهن وتلبس أحسن الملبوس وتدخل في وسط الحلقة ترقص لهم وهم يصفقون مادين أبصارهم لها، وتجلس على حجورهم أحيانا ويسمونها بعزيزة النساء، وتكون هذه عندهم من أفخر نسائهم وأطهرهن.
ومن بعض جهلهم أنهم يعظمون أميرهم أو شيخهم أو المتكلم عليهم ولا يحلفون إلا بحياته، ويكون الحلف بحياته عندهم قسم عظيم ليس فيه كذب ولا خلف. ومن بعض أفعالهم الشنيعة أنه إذا ترملت امرأة فيأتي إليها والدها أو أخوتها أو أولاد عمها ويقولون لها: مرادنا نزوجك لأجل أن يأخذوا مهرها، وهي لم ترض بالزواج أو يكون لها أولاد صغار من شفقتها عليهم تخاف عليهم الضياع فتدفع لأقاربها قدر مهرها حتى إنهم ما يزوجوها، ثم إنهم يغفلون عنها مدة ويأتون إليها خصوصا إذا كانت مليئة. ويقولون لها: مرادنا نزوجك لإنك عرضنا، ونخاف على عرضنا وما مرادهم إلا حتى يأخذوا مهرها أو يأخذوا منها قدر مهرها وهكذا ثالثا ورابعا.
ومن بعض قبحهم وأفعالهم الشنيعة أنهم إذا اتهموا امرأة عندهم بالفاحشة قتلوها من غير ثبوت ذلك عليها، ولا يغسلونها ولا يكفنونها ولا يصلون عليها، وإنما يرمونها في بئر وسواء كانت محصنة أو غير محصنة ولهم أفعال كثيرة أضربنا عنها خوف الإطالة فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وعلى ولاة الأمور ضاعف الله تعالى لنا ولهم الأجور وعلى أهل الحل والعقد وأرباب الكلام من المشايخ والمتكلمين أيد الله تعالى بهم الدين ووفقهم للصراط المستقيم المنع من هذه النزغات والأباطيل؛ لأن عليهم حفظ الدين الذي هو أحد الكليات الخمس الذي أجمع على حفظها كل ملة، وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل. والمتعين على حكام المسلمين والإسلام وولاه سائر الأنام تدارك هذا الأمر الخطر المشكل وتلافي هذا الشأن الصعب المذهل والتيقظ له نسأله سبحانه أن يجنبنا الزيغ والضلال ولا حول ولا قوة إلا بالله المعين المتعال إليه مرجعنا ومردنا وعليه اعتمادنا في سائر الأحوال والله تعالى أعلم بالصواب.
[مطلب عن الزغاريت هل كانت في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلخ]
(سئل) عن الزغاريت هل كانت في زمن المصطفي صلى الله عليه وسلم؟ وهل هي مباحة في الأفراح؟ وهل يجوز فعلها من الذكور أو لا؟
(أجاب) قيل: إن أصل الزغاريت عن أمنا حواء رضي الله تعالى عنها لما اجتمعت بآدم عليه السلام بعدما أخرجا من الجنة، فلما رأته فمن شدة فرحها به زغرتت وهي مباحة في كل فرح وسرور من النساء، وتكره من الرجال؛ لأنه مخصوص بالنساء والأولى حرمته من الرجال لتشبهه بالنساء، والله تعالى أعلم.
[مطلب هل الأفضل على المكلف الدعاء إلى الله تعالى إلخ]