للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى سماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما في عشرين سنة، وقال آخرون: هي ليلة النصف من شعبان.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ينزل الله جل ثناؤه ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لكل نفس إلا إنسانا في قلبه شحناء أو شركا بالله " وفي هذه الليلة {يفرق} أي: يفصل {كل أمر حكيم}. قال ابن عباس: يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال حتى الحجاج يقال: حج فلان، ويحج فلان.

وقال الحسن ومجاهد: يبرم في ليلة القدر في شهر رمضان كل أجل وعمل وخلق ورزق وما يكون في تلك السنة.

وقال عكرمة: هي ليلة النصف من شعبان يبرم فيها أمر السنة وتنسخ الأحياء من الأموات فلا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد.

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الزوج لينكح ويولد له، وقد أخرج اسمه في الموتى، وعن ابن عباس: إن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان، ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر. والله تعالى أعلم.

[مطلب في قوله تعالى: {من كان يريد العزة} إلخ.]

(سئل) ما معنى قوله تعالى: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}؟.

(أجاب) قال الفراء: معنى الآية من كان يريد أن يعلم لمن العزة فلله العزة جميعا.

وقال قتادة: من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله تعالى، معناه الدعاء إلى طاعة من له العزة، أي: فليطلب العزة من عند الله تعالى بطاعته، كما يقال: من كان يريد المال فالمال لفلان أي: فليطلبه منه، وذلك أن الكفار عبدوا الأصنام فطلبوا بها التعزز، كما قال تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا}، وقال تعالى: {الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا}.

والكلم الطيب: هو قول: لا إله إلا الله، وقيل: هو قول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. كما ورد: " ما من عبد مسلم يقول خمس كلمات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله إلا أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه، ثم صعد بهن فلا يمر بهن على جميع الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يجيء بها وجه رب العالمين، ومصداقه من كتاب الله تعالى قوله: {إليه يصعد الكلم الطيب} ذكره ابن مسعود - رضي الله عنه -.

وقال الحسن وقتادة: الكلم الطيب ذكر الله تعالى، والعمل الصالح أداء فرائضه، فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في الصدور وصدقته الأعمال، فمن قال حسنا وعمل غير صالح رد الله عليه قوله، ومن قال حسنا وعمل صالحا رفع ذلك العمل، فإن الله تعالى يقول: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}

<<  <  ج: ص:  >  >>