نقض القسمة، فهل له ذلك أم لا؟
(أجاب) حيث وقعت القسمة وصرفت الحدود لا نقض لأحد فيما خصه ولا سيما مع التصرف المذكور هذه المدة ومع علم الغائب وإجازته وتصرفه فإنه دليل على رضاه بما أخرجته له القسمة، والله أعلم.
كتاب الشهادات.
(كتاب الشهادات).
[مطلب قد ذكر العلماء أن الصغيرة إذا تكررت تصير كبيرة إلخ.]
(سئل) قد ذكر العلماء أن الصغيرة إذا تكررت تصير كبيرة، فما ضابط التكرر والإصرار، فإن ذلك ليس فيه نص من الكتاب أو السنة.
(أجاب) قال بعض العلماء ينظر إلى ما يحصل من ملابسة أدنى الكبائر من عدم الوثوق بملابستها في أداء الشهادة والوقوف عند حدود الله، عز وجل، ثم تنظر التكرر في الصغيرة، فإن حصل في النفس من عدم الوثوق به ما حصل من أدنى الكبائر كان ذلك كبيرة تخل بالعدالة، وهذا يؤكد أنه لا بد فيه من العزم، فإن اللفتات من غير عزم مستمر لا تكاد تخل بالوثوق، نعم قد تدل كثرة التكرر العزم في النفس.
وبهذا الضابط يعلم أن المباح المخل بقبول الشهادة كالأكل في الأسواق ونحوه بأن يصدر صدور يوجب عدم الوثوق في حدود الله، عز وجل، كان ذلك مخلا، وذلك يختلف بحسب الأحوال المقترنة والقرائن المصاحبة وصورة الفاعل وهيئته وهيئة الفعل، والمعتمد في ذلك على ما يوجد في القلب السليم عن الهواء المعتدل المزاج والعقل والديانة لعارف بالأوضاع الشرعية، فهذا هو المتعين لوزن هذه الأمور، فإن من غلب عليه التشديد في طبعه يجعل الصغيرة كبيرة، فلا بد من اعتبار ما تقدم ذكره في العقل الموازن لهذه الاعتبارات، ومتى تحللت التوبة من الصغائر فلا خلاف أنها لا تقدح في العدالة.
وكذلك ينبغي إذا كانت من أنواع مختلفة، وإنما تحصل الشبهة واللبس إذا تكررت عن النوع الواحد، وهو موضع النظر الذي تقدم التنبيه عليه، وأما الإصرار فهو عزم القلب على الاستمرار على الذنب عزما يوازن الكبيرة لو صدرت منه، ولهذا قال أبو طالب المكي: أن الإصرار على الذنب من كبائر القلب، والله أعلم.
[مطلب في جماعة أخذوا من رجل جملا إلخ.]
(سئل) في جماعة أخذوا من رجل جملا غصبا، ثم ادعى عليهم عند حاكم الشرع فشهد منهم شاهدان بأنه وصل له ثمن جمله، فهل تقبل شهادتهما؟
(أجاب) شرط صحة شهادة الشاهد أن لا يجر لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضررا، والشاهدان المذكوران يريدان أن يدفعا عن أنفسهما ضرر الضمان فلا تقبل شهادتهما، وللرجل أن يطالب بثمن جمله أقصى القيم؛ لأنه مأخوذ بالغصب، والله أعلم.
(سئل) عن رجل دفع لآخر جملا ليعمل عليه بحصة من عمله، فنهب الجمل، فادعى مالكه أنه نهاه عن السفر إلى المكان الذي نهب فيه، وأقام على ذلك بينة بجعل لها على