التقوى. وقال ابن عباس: كرم الدنيا الغنى، وكرم الآخرة التقوى. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم] والله تعالى أعلم.
[مطلب في قوله تعالى: {يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن}.]
(سئل) ما معنى قوله سبحانه وتعالى: {يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن}؟
(أجاب) قال قتادة: يعني لا يستغني عنه أهل السماء والأرض، وقال ابن عباس: أهل السماوات يسألونه المغفرة وأهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرة. وقال مقاتل: نزلت في اليهود حين قالوا: إن الله لا يقضي يوم السبت، وقال المفسرون: من شأنه أنه يحيي ويميت ويرزق ويعز قوما ويذل قوما ويشفي مريضا ويفك عانيا ويفرج مكروبا ويجيب داعيا ويعطي سائلا ويغفر ذنبا إلى ما لا يحصى من أفعاله وأحداثه في خلقه ما يشاء.
وروي عن ابن عباس أنه قال: إن مما خلق الله عز وجل لوحا من درة بيضاء دفتاه ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابته نور ينظر الله عز وجل كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء، فذلك قوله تعالى: {كل يوم هو في شأن}.
قال سفيان بن عيينة: الدهر كله عند الله تعالى يومان: أحدهما مدة أيام الدنيا، والآخر يوم القيامة، فالشأن الذي هو فيه في اليوم الذي هو مدة الدنيا: الاختبار بالأمر والنهي والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع، وشأن يوم القيامة: الجزاء والحساب والثواب والعقاب.
وقيل: شأنه جل ذكره أنه يخرج في كل يوم وليلة ثلاثة عساكر: عسكرا من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات، وعسكرا من الأرحام إلى الدنيا، وعسكرا من الدنيا إلى القبور، ثم يرتحلون جميعا إلى الله عز وجل.
وقال الحسن بن الفضيل: هو سوق المقادير إلى المواقيت، وقال أبو سليمان الداراني في هذه الآية: له كل يوم إلى للعبيد بر جديد. والله تعالى أعلم.
[مطلب في: {ن والقلم وما يسطرون}.]
(سئل) عن معنى قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون}.
(أجاب) اختلفوا في نون، قال ابن عباس: هو الحوت الذي على ظهره الأرض واسمه بهموت، وقيل: ليوثا، وقيل: بلهوث، ولما خلق الله تعالى القلم فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم خلق النون فبسط الأرض على ظهره، فتحرك النون، فمادت الأرض، فأثبتت الجبال، فإن الجبال لتفخر على الأرض.
وقالت الرواة: لما خلق الله تعالى الأرض وفتقها بعث من تحت العرش ملكا فهبط إلى الأرض حتى دخل تحت الأرضين السبع، ثم ضبطها فلم يكن لقدميه موضع قرار، فأهبط الله عز وجل من الفردوس ثورا له أربعون ألف قرن وأربعون ألف قائمة، وجعل قرار قدم الملك على سنامه، فلم تستقر قدماه، فأخذ ياقوتة خضراء من أعلى درجة في الفردوس غلظها مسيرة خمسمائة عام، فوضعها بين سنام الثور إلى أذنه فاستقرت قدماه، وقرن ذلك الثور خارجة من أقطار الأرض ومنخراه في البحر، فهو يتنفس كل