للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إعرابا لكونه مخصوصا بالعربية، وسمي البناء بناء لطوله، والبناء في اللغة هو وضع للشيء على صفة أريد ثبوتها، والله تعالى أعلم.

[باب ما يتعلق بالتوحيد]

[مطلب أول واجب على الإنسان معرفة الإله الخ]

(سئل) عن معنى قول صاحب الزبد: أول واجب على الإنسان معرفة الإله باستيقان. أوضحوا لنا ذلك أثابكم الله تعالى.

(أجاب) يعنى أول ما يجب على الإنسان البالغ العاقل معرفة الله تعالى يقينا؛ لقوله تعالى {فاعلم أنه لا إله إلا الله} وقوله تعالى {وليعلموا أنما هو إله واحد} وغير ذلك من الآيات، ولأن هذه المعرفة مبنى سائر الواجبات؛ إذ لا يصح بدونها واجب ولا مندوب، والمراد بمعرفة الله تعالى معرفة وجوده تعالى وما يجب له من إثبات أمور ونفي أمور، وهى المعرفة الإيمانية أو البرهانية لا الإدراك والإحاطة بكنه الحقيقة؛ لأن ذلك ممتنع عقلا وشرعا. وسئل بعض العلماء عن الله تعالى فقال: إن سألت عن أسمائه فقوله {ولله الأسماء الحسنى} وإن سألت عن صفاته فقوله تعالى {قل هو الله أحد} الخ، وإن سألت عن أقواله فقوله تعالى {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} وإن سالت عن أفعاله تعالى} كل يوم هو في شأن {وإن سألت عن نعته فقوله تعالى {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} وإن سألت عن ذاته فقوله تعالى {ليس كمثله شيء} وسئل أعرابي عن دليل وجود الصانع سبحانه وتعالى فقال: البعرة تدل على البعير، وآثار الأقدام تدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على العليم الخبير. وعن أبى هريرة مرفوعا: «تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق؛ فانه لا تحيط به الفكرة» والله تعالى أعلم.

[مطلب هل الإيمان يزيد وينقص أو لا]

(سئل) عن الإيمان هل يزيد وينقص؟.

(أجاب) نعم الإيمان يزيد وينقص، يزيد بزيادة الطاعات وينقص بنقصانها، والأصل في ذلك قوله تعالى {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} وقوله تعالى {ويزداد الذين آمنوا إيمانا} وقال الشيباني في عقيدته: وإيماننا قول وفعل ونية، ويزداد بالتقوى وينقص بالردا. وقال أبو القاسم الجنيد رحمه الله تعالى: في الإيمان ما لا يزيد ولا ينقص، وإيمان يزيد ولا ينقص، وإيمان يزيد وينقص، فأما ما لا يزيد ولا ينقص فهو إيمان الملائكة عليهم الصلاة والسلام، فإنهم مكلفون بعمل لا يزيدون عليه ولا ينقصون، لقوله تعالى {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} فإيمانهم معتدلة لا تزيد ولا تنقص، وأما ما يزيد ولا ينقص فهو إيمان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، يزيد بزيادة الطاعة، وليس عليهم معصية ينقص إيمانهم بها لأنهم معصومون، وأما ما يزيد وينقص فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>