للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعقول العارفين فانظر يا أخي في أي مرتبة كان اللعين فيها، وانظر إلى أي حالة أصبح اليوم عليها نعوذ بالله تعالى من ذلك ومن السلوك في المهالك، وفيها موعظة لمن قدمه ملك من الملوك على جنوده وجعله أميرا على جموعه وعبيده أن لا يأمن عاقبة الأمور، وأن يكون على حذر من المقدور قبل أن لا يتعد الغرور والله تعالى أعلم.

[مطلب فيما يفعله السحرة إلخ]

(سئل) فيما يفعله السحرة من زرع البذر في أرض وطلوعه ونموه بالثمر في ساعة واحدة ونقل المتاع من محل إلى محل ونحو ذلك، فهل هو تخييل للناظر أو فعل حقيقة؟

(أجاب) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تأثير السحر وفي حقيقته على قولين قيل: إنه لا يغير حقيقة وإنما هو تخييل لقوله تعالى: {يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى} وحكى الأوزاعي أن يهوديا

صحبه في سفر فأخذ ضفدعا وسحره خنزيرا، وباعه لنصارى، فلما ساروا به إلى قريتهم وجدوه ضفدعا فلحقوا اليهودي فلما قربوا منه رأوا رأسه قد سقط عن جثته ففزعوا وولوا هاربين وبقي الرأس يقول للأوزاعي: هل غابوا إلى أن بعدوا عنه فصار الرأس في الجسد، وأما طلوع الزروع في الحال ونقل الأمتعة والقتل على الفور والعمى والصمم وتعلم الغيب فلا يقع بالسحر؛ لأنه قد وقع القتل في السحرة ولم يبلغ أحد منهم هذا المبلغ ولم تستطع سحرة فرعون الدفع عن أنفسهم، وجوز بعضهم أن يسترق جسم الساحر حتى يلج في كوة ويجري على خيط مسترق ويطير في الهواء ويقتل غيره ويغير الخلق، وينقل الإنسان إلى صور البهائم لكن قال بعضهم: الأصح خلاف ذلك؛ لأنه لم يقع ولا سمع عن عاقل من آدم عليه السلام إلى وقتنا أن ساحرا غير خلق الرحمن عز وجل عن صورة إنسان إلى صورة حيوان من حمار أو فرس أو سرحان.

والحكايات في مثل ذلك خرافات تتحدث بها العجائز والبنيات لا تروى بأحاديث صحيحة وهي على المتحدث بها أعظم فضيحة، ومما يؤيد هذا أنهم لو قدروا على تحقيق الحقائق لقلبوا الأحجار ذهبا والصخور إبلا أم شاءو استغنوا عن سؤال الناس، وذلك منتف والله تعالى أعلم.

[مطلب في أبوي المصطفى صلى الله عليه وسلم مؤمنان إلخ]

(سئل) في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم هل هما في الجنة لكونهما من أهل الفترة وماتا فيها ولم تبلغهما الدعوى أو أنه صلى الله عليه وسلم يشفع لهما ويدخلان الجنة بشفاعته صلى الله عليه وسلم، أو إن الله تعالى أحياهما له وآمنا به صلى الله عليه وسلم وما يستحق من العقوبة من قال: إنهما في النار؟

(أجاب) لا ريب ولا شك أن أبويه صلى الله عليه وسلم في الجنة، ومن قال بخلاف ذلك فقد باء بغضب من الله تعالى. وقد صنف العلماء رحمهم الله تعالى في ذلك رسائل جمة منهم العلامة الجلال السيوطي رحمه الله تعالى ألف في ذلك رسائل منها السبل الجلية في الآباء العليه، وسأذكر منها ما هو المقصود

<<  <  ج: ص:  >  >>