والمشتري الثاني يدعي أن البائع ما قبض الثمن، وأن المشتري الأول مطله بالثمن، فلمن يكون البيع؟
(أجاب) لا ريب أن البيع واقع للمشتري الأول، سواء مطل الثمن أم قبضه؛ لأن المطل لا يبطل البيع، ولا يصير ما وقع صحيحا فاسدا، والبيع الثاني باطل، سواء باع البائع باختياره أم مكرها؛ لأن بيعه للأول انتقل به الحق للأول وصار البائع الأول أجنبيا عن الطاحون فجميع تصرفه فيه باطل، فالطاحون باقية على ذمة الأول، والله أعلم.
[مطلب: رجل دفع لآخر قماشا مختلف الأشكال .. الخ.]
(سئل) في رجل دفع لآخر قماشا مختلف الأشكال وأقامه عليه بمبلغ زائد عن ثمن مثله بغبن فاحش، فقبله المدفوع إليه بالغبن الفاحش بشرط أن رب القماش يكمل له فوق القماش دراهم نقدا، ويضيفها لثمن القماش ويعمل له بجميع المبلغ أربع طبخات صابونا، ويحسب ثمنها بسعر فصل التجار للصابون في ذلك العام، فتسلم منه القماش على الشرط المذكور وعمل المدفوع إليه القماش طبخة واحدة وثلث طبخة، فتسلم الرجل الصابون، ولم يكمل للمدفوع إليه دراهم نقدا، كما صار الشرط بينهما، ولم يفصل ثمن الطبخة وثلث التي تسلمها، فطالبه المدفوع إليه القماش أن يكمل له دراهم على ثمن الأربع طبخ صابون التي صار الشرط بينهما عليها، فلم يكمل له، وتعهد أن يكمل له بذلك زيتا من عنده ففات أوان الزيت، ولم يكمل له زيتا، ولا دراهم، فهل والحالة هذه قبول المدفوع إليه القماش بالغبن الفاحش على الشرط المذكور صحيح أم فاسد، ولا يلزمه أن يعمل لرب القماش صابونا وله رد القماش على صاحبه إن كان باقيا، وإن استهلك منه شيء يلزمه قيمة مثله، والقول قوله في القيمة وله استرداد الطبخة والثلث صابونا حيث كان باقيا أو لا؟
(أجاب) بيع القماش بالشرط المذكور مع شرط عمل الصابون بالمبلغ فاسد، كما نص عليه الأئمة أن كل بيع وشرط فاسد إلا ما استثني، وهذا ليس منه، ووجه بطلانه جعل الدراهم وما فيها من الرفق للآخذ، وكذلك عمل الصابون مقابلا بحصة من ثمن القماش الزائد على قيمته، وذلك الرفق والعمل مجهولان، وانضمام مجهول إلى معلوم يصير الجميع مجهولا، فلم يصح عقد البيع للقماش، فيلزم الآخذ رده إن بقي وبدله باعتبار القيمة إن تلف، وأما الطبخة وثلث من الصابون، فإنها باقية على ذمة مالكها لأنه، إنما دفع ذلك بناء على صحة بيع القماش، وقد بان فساده فرجع القماش لمالكه ورد الصابون لمالكه؛ لأن المبني على الفاسد فاسد، والله أعلم.
[مطلب: رجل سام من آخر مهرة وأخذها ليركبها وينظر أحوالها]
(سئل) في رجل سام من آخر مهرة وأخذها ليركبها، وينظر في أحوالها كما هي العادة، وكانت حاملة عند صاحبها، فوضعت عند الرجل حصانا، ومكثت عنده قريبا من سنة فربط ابنها عند فلاح على النصف، وأخذ يركبها، ويحمل عليها، ويؤجرها