ابن مسعود: أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا، أو قتله نبي أو رجل يضل الناس بغير علم أو مصور يصور التماثيل. وقال الله تعالى:{ذلك بأنهم كانوا يكفرون بأيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق} ولا ريب أن قتل الأنبياء يقتضي عدم الإيمان بهم المقتضي ذلك لكفر القاتل، ولأن النبي عليه الصلاة والسلام لا يقتل إلا مهدر الدم إجماعا لعصمته، فدل على كفر المقتول للأنبياء، وكفر قاتلهم كما ظهر لك والله أعلم.
[مطلب فيما يقوله العامة عند محاوراتهم فيقولون: صلوا على النبي إلخ]
(سئل) فيما يقوله العامة عند محاوراتهم فيقولون: صلوا على النبي، وكذلك الفران إذا خبز للإنسان عجينا يقول لصاحب الخبز: صل على النبي يفهمه أنه لم يبق له شيء، وكذا عند عرض السلع على البيع، وعند خروج الإنسان من الحمام يقول الحمامي: صلوا على النبي، وكذلك الشعراء في ابتداء شعرهم وفي أثنائه وآخره صلوا على النبي، وكذا عند غضب شخص يقول له جليسه: صل على النبي، وكذا إذا رأى شيئا تعجب منه لحسنه كآدمي وجمل وفرس وغيره من الحيوانات يقول القائل: صلوا على النبي، بل يعتقدون أن الصلاة تدفع العين وكذا ذكرها في الأماكن المستقذرة فهل ذلك جائز؟
(أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مجمع على طلبها بالكتاب والسنة وجوبا واستحبابا أما وجوبا فعندنا في التشهد الأخير، وعند كل ما ذكر ذهب إليه من الأئمة ذاهب، وفي كل مجلس مرة، ولو تكرر ذكره حكاه الزمخشري وكذا حكى أنها تجب في كل دعاء. وأما استحبابها فلا كلام فيه، ولكنها تتأكد في مواضع منها عقب الأذان، ومنها أول الدعاء وأوسطه وآخره، ومنها عقب دعاء القنوت، ومنها عند دخول المسجد والخروج منه، ومنها في صلاة الجنازة، ومنها عند التلبية وعند الصفا والمروة، ومنها عند الإجماع والتفرق، ومنها عند الصباح والمساء، ومنها عند الوضوء، ومنها عند طنين الأذان، ومنها عند نسيان الشيء، ومنها عند زيارة قبره الشريف، واعلم أن الآتي بها على قصد تعظيمه صلى الله عليه وسلم أو التبرك بها، ودفع غضب من غضب، أو إغاظة منافق أو كافر، أو دفع
ضرر عين عائن فهذا كله مستحب لا نعلم فيه خلافا.
وأما عند التعجب من شيء كفرس وجمل وشيء من المتاع فلا ضرر في الإتيان بها كما ذكره الحليمي من أئمتنا، بل لو قيل بستحبابه قياسا على سبحان الله فإنها وردت للتعجب كثيرا في الأحاديث، وخرجها النووي في أذكاره، وكذا لا إله إلا الله أي تأتي للتعجب نادرا ولغيره، ووجه استحبابها عند التعجب أنه صلى الله عليه وسلم عرفنا حقائق الأشياء في الكتاب والسنة كقوله:{أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} فإذا قالها الإنسان تعجبا من شيء فكأنه يقول صلى الله عليه وسلم الذي عرفنا حقائق هذه