(أجاب) لما نصب مولانا السلطان قاضيا عاما يتعاطى الأحكام كان كأنه السلطان؛ لأنه نائبه والنائب كالأصيل، فلما قرر القاضي المنزول لها صارت هي المستحقة للمعلوم، وما أنهاه الرجل للسلطان عن المعلوم، وقرره فيه لم يصادف محلا؛ لأن المعلوم له أهل على أن تقرير الخاص مقدم على العام كما صرحوا به والله أعلم.
[مطلب في مسجد قديم مهجور لا يصلي به أحد إلخ]
(سئل) في مسجد قديم مهجور لا يصلي به أحد من الناس إلا يوم العيد، وله أراض فوضع رجل من المسلمين يده عليه وعمره وصانه وهيئه للصلاة، فهل يجب على من تحت يده شيء من الوقف أن يدفعه للرجل المذكور؟
(أجاب) لا يخفى أنه يجب على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أنه إلى الحساب صائر أن يسعى في عمارة المساجد، ويظهر شعارها، ويعلي منارها؛ قال تعالى:{إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} وقال صلى الله عليه وسلم: "من عمر لله مسجدا ولو مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة". فيجب على كل مسلم أن يدفع ما للجامع عنده من معلوم الوقف الواجب له شرعا، وعلى المسلمين جميعا إعانة الرجل على العمارة، وخلاص الحق من أهله؛ ليحصل لهم الثواب من الملك الوهاب، وإقامة شعائر المسجد بالصلاة والعبادة والله أعلم.
[مطلب في جماعة واضعي أيديهم على بلدة إلخ]
(سئل) في جماعة واضعي أيديهم على بلدة يدعون أنها موقوفة عليهم من زمن قديم، ومعهم على ذلك إثبات، وحجة ومعهم أيضا بيرديات شريفة من الوزراء والحكام أن لا يتعارضهم في ذلك أحد بوجه من الوجوه، فهل والحالة هذه يجوز لأحد من أهالي البلاد أو غيرهم أن يعارضهم في ذلك؟
(أجاب) قال صلى الله عليه وسلم فيما روته السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". وفي رواية:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". وروى ابن ماجه عن أبي جحيفة "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعدي من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعدي من غير أن ينقص من أوزارهم شيء". فمن أراد أن يحدث على أهل القرية ما ليس عليهم أو يأخذ منهم شيئا بغير حق فقد خالف الله ورسوله وعصى السلطان في أمره؛ لأن طاعته واجبة فيما أمر ونهى ما لم يخالف الشرع، ودخل في عموم أهل البدع ورد أمره عليه، وأصبح لا ناصر له من الله تعالى ولا مدد من رسوله صلى الله عليه وسلم ولا طاعة لسلطانه فقد باء بالوبار والدمار والعار، ثم المصير إلى النار فقل:{جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}، والله تعالى أعلم.
[مطلب في رجل أتهم بسرقة وضرب عليها إلخ]
(سئل) في رجل أتهم بسرقة وضرب عليها ضربا مبرحا، وضرب أيضا ليقر على غيره فاتهم في حال الضرب