للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما الحكمة في أن الله تعالى خلق آدم من تراب ولم يخلقه من غير التراب؟

(أجاب) ذكر الحكماء في خلق آدم من تراب وجوها؛ منها أن يكون متواضعا، ومنها ليكون مطفئا لنار الشهوة والغضب لأن التراب يطفئ النار، ومنها إظهار لقدرته تعالى؛ لأنه تعالى خلق الشياطين من النار التي هي أضعف الأجسام وأعطاهم كمال الشهوة والقوة وخلق آدم من التراب الذي هو أكثر الأجسام ثم أعطاه الخفة والمعرفة والنور والهداية وخلق السماوات من أمواج مياه البحار معلقة في الهواء حتى يكون خلقه لهذا الأجرام برهانا، ودليلا ظاهرا على أنه تعالى هو المدبر للخلق بغير احتياج إلى مزاج وإلى علاج، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: "إن الله تعالى خلق آدم من تراب وجعله طينا، ثم تركه حتى كان حمأ مسنونا، ثم خلقه وصوره حتى كان صلصالا كالفخار، ثم نفخ فيه من روحه. قال الفخر رحمه الله تعالى ولا شك أن الله تعالى قادر على خلقه من أي جنس من الأجناس، بل قادر على خلقه ابتداء، وإنما خلقه على هذا الوجه إما لمحض المشيئة أو لما فيه من دلالة الملائكة ومصلحتهم ومصلحة الخلق والله تعالى أعلم.

[مطلب سئل في أي موضع كان خلق آدم عليه السلام إلخ]

(سئل) في أي موضع كان خلق آدم عليه السلام؟

(أجاب) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في موضع خلقه على أقوال قال السدي: خلق في سماء الدنيا. وقال ابن سعيد: خلق في جنة من جنان الدنيا. والذي عليه الجمهور من العلماء أنه خلق في جنة عدن، ومنها أخرج وأنزل إلى الأرض والله تعالى أعلم.

[مطلب سئل هل كان آدم عليه السلام وقت تعليم الأسماء نبيا إلخ]

(سئل) هل كان آدم عليه السلام وقت تعليم الأسماء نبيا مبعوثا قبل ما وقع له ما وقع من المخالفة وأكله من الشجرة أو أنه بعث بعد ذلك؟

(أجاب) قال بعض العلماء: إنه كان نبيا لما ظهر له من المعجزات من تعليم الأسماء، وقال الفخر: والأقرب أن يكون مبعوثا في ذلك الوقت إلى حواء، ولا يبعد أيضا أن يكون مبعوثا إلى من يتوجه إليه من الملائكة، وقيل: إن آدم لم يكن ذلك الوقت نبيا؛ لأن أكله من الشجرة لا يليق أن يكون بعد نبوته لقوله تعالى: {ثم اجتباه ربه وهدى} أي بعد أكله الشجرة فوجب أن يقال لم يكن قبل ذلك مجتبى والله تعالى أعلم.

[مطلب سئل عن الأطفال الذين يموتون في الصغر يكبرون في الجنة أم لا إلخ؟]

(سئل) عن الأطفال الذين يموتون في الصغر إذا دخلوا الجنة هل يكبرون ويصيرون في سن واحد أو يبقون على حالهم عند آبائهم؟

(أجاب) أخرج الترمذي وأبو يعلى وابن أبي سعيد مرفوعا قال: من مات من أهل الدنيا من صغير أوكبير يردون بين ثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبدا وأخرج الطبراني عن المقداد بن الأسود مرفوعا يحشر الناس ما بين السقط إلى الشيخ الفاني أبناء ثلاث وثلاثين سنة في خلق آدم وحسن يوسف وقلب أيوب مكحلين ذوي أفانين أي شعور وجم ولعل

<<  <  ج: ص:  >  >>