للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشياء قال الحليمي: فإن صلى عليه عندما يستقدر أو يضحك منه فأخشى على صاحبه الكفر، فإن عرف أنه جعلها عجبا، ولم يجتنبه كفر انتهى. ونظر فيه القونوي قال بعض المتأخرين من أئمتنا: والذي يتجه أنه لا بد في الكفر من قيد زائد على ذلك ربما يومئ إليه كلامه، وهو أن يذكرها عند المستقذر أو المضحوك منه بقصد استقذارها وجعلها ضحكة فيفرح انتهى. ولا أظن أحدا من أهل الإسلام ممن عرف قدره صلى الله عليه وسلم يوردها على هذا الوجه، ولكن جزم البدر العيني من الحنفية بحرمتها كالتسبيح والتكبير عند عمل محرم أو عرض سلعة أو فتح متاع انتهى.

أما عند العمل المحرم كالزنا والسرقة فنقول به، وأما عند عرض السلعة أو فتح المتاع فلا مانع منه لما عملت أن قائل ذلك إما متعجب ولا منع منها له، وإما متبرك فكذلك ومثل ذلك ما يقع من فران وحمامي وشاعر في اول شعره أو آخره وكذلك قول القائل لجليسه: صل على محمد ومثل ذلك في المحاوات، وكذلك لدفع العين أو عند غضب شخص فإنها إنما تقال بمقاصد صالحة وهي التبرك، ودفع ضرر العين، ودفع الغضب، واستجلاب الصلح، وترقيق القلب، والترحم من المخاطب فلا بأس من ذكرها في هذه المواطن كلها.

نعم ينبغي أن تصان عن الأماكن المستقذرة؛ لأنها كالقرآن قال الإمام النووي: ولا يؤمر بها عند الغضب خوفا أن يحمله الغضب على الكفر انتهى.

وينبغي أن يقيد ذلك بأحمق أو جاهل لا يعرف قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما العارف والكامل فلا مانع من ذكرها له عند غضبه فإنها تحمله على الرجوع عن الغضب والله تعالى أعلم.

[مطلب فيما يقع في هذا الزمن في بعض القرى إلخ]

(سئل) فيما يقع في هذا الزمن في بعض القرى والأعراب أن الرجلين مثلا يقع بينهما نزاع في أمر ما، فيطلب أحدهما الشرع القويم، فيقول الثاني: أنا فرعي لا شرعي أو نحن لا نعرف إلا الفرع أو دعائم العرب أو دعائم الفلاحين أو هذه المسألة لا توجد في الشرع، أو ليس لها الشرع ما لها إلا قاضي العرب. وسمعت من بعضهم يقول: أن الدم هذا ليس في الشرع ولا له حكم إلا عند قاضي العرب. ولهم ألفاظ كثيرة مثل هذه وما قاربها، وجميع أهل هذه القرى عندهم هذا الأمر مشهور، وكل واحد منهم يقول به، فهل هم كفار مرتدون بذلك؟ وهل يجب قتالهم حتى يرجعوا للحق الحقيق؟ وهل يجب على كل مسلم سمع منهم ذلك الإنكار عليهم ومنعهم منه، وبعض هؤلاء يستحسن حكم قاضي العرب على حكم الشرع، ومع ذلك يغرمون لهذا الفاسق المبتدع المغير للشريعة الغراء مالا كثيرا، وتسمح نفوسهم ببذله دون ما يعطى لقاض أو مفت على بيان الحكم الشرعي أوضحوا لنا جوابا شافيا عن هذه المسألة.

(أجاب) اعلم أن هذه الألفاظ وما شابهها لا تصدر عن قلب مؤمن

<<  <  ج: ص:  >  >>