وتكذيبه، وصنفوا في ذلك كتبا ورسائل، وزعموا أن من ادعى ذلك لم يعرف الله تعالى، وقال الكواشي في تفسير سورة والنجم: ومعتقد رؤية الله تعالى هنا بالعين لغير محمد - صلى الله عليه وسلم - يكفر. وقال الشيخ جمال الدين الأردبيلي في كتابه الأنوار في فقه إمامنا الشافعي رضى الله عنه: ولو قال: إني أرى الله تعالى عيانا في الدنيا ويكلمني شفاها، كفر. انتهى. وقد دل الكتاب والسنة على رؤية المؤمنين لله تعالى في الدار الآخرة قبل دخول الجنة وبعده، أما الكتاب فقوله تعالى {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر» والمراد بهذه الرؤية أنه تعالى ينكشف لعباده المؤمنين في الآخرة انكشاف البدر المرئي، بمعنى أنه يجعل لنا علما بذاته، نسبة ذلك العلم إلى العلم الحاصل لنا الآن نسبته بالبدر المرئي بعد رؤيته إلى العلم به قبل رؤيته، من غير ارتسام أو اتصال شعاع به، وإنما خصت الرؤية بالمؤمنين لأن الصحيح أن الكفار لا يرونه؛ لقوله تعالى {كلا إنهم عن ربهم لمحجوبون} وخالفت المعتزلة - قبحهم الله تعالى - في رؤية الله تعالى في الآخرة واستدلوا لذلك بأدلة مردودة، كما بين ذلك في الكتب المطولة، وقد وقع الخلاف أيضا في رؤية الله تعالى في المنام، فمنهم من منعه، لكن الأصح ثبوته؛ لما حكي عن كثير من السلف أنهم رأوه عز وجل، ونقل عن الإمام أحمد أنه قال: رأيت رب العزة في المنام فقلت: يا رب بم يتقرب المتقربون إليك؟ قال: بكلامي يا أحمد، قلت: يا رب بفهم أو بغير فهم؟ قال: بفهم أو بغير فهم. فهذا يدل على أن مذهب الإمام أحمد الجواز، ونقل أن الإمام أبا حنيفة رضى الله عنه قال: رأيت رب العزة في المنام تسعا وتسعين مرة، ثم رآه مرة أخرى تمام المائة، وقصتها طويلة، والله أعلم.
[مطلب هل ورد في عدة الملائكة شيء أو لا]
(سئل) هل ورد في عدة الملائكة شيء أو لا؟.
(أجاب) أما عدد الملائكة فلا يعلم عددهم إلا الله تعالى؛ لما روي أن موسى ناجى ربه فقال: يا رب من عبدك قبل آدم؟ قال: الملائكة، قال: يا رب كم هم؟ قال: اثنا عشر ألف سبط، قال: كم السبط؟ قال: مثل الجن والإنس والطير والبهائم، اثنا عشر ألف مرة. وفى رواية: كم عدد كل سبط؟ قال: عدد التراب. وفى تذكرة الإمام الرازي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عرج به إلى السماء رأى ملائكة في محل عال مشرف، ورأى صفهم يمشي تجاه بعض فسأل جبريل: أين يذهبون؟ فقال له: والذي بعثك بالحق نبيا لا أدري إلا أني أراهم هكذا منذ خلقت ولا أرى واحدا منهم قد رأيته قبل ذلك. وفى الفتوحات: لا يزال الحق يخلق من أنفاس العالم ملائكة ماداموا متنفسين، وقيل: إن المكلفين أربعة أصناف: الإنسان والملك والجن والشياطين، فبنو آدم عشر الجن،