وقوع العقد المذكور وإن كان أحد الشاهدين مات لأنه يعلم ذلك فلا يجوز له الإقدام مع علمه بما وقع، ومنها إقراره بوقوع عقد النكاح المأخوذ من ذلك الإقرار شرعيا باتفاق العلماء لقول الله عز جلاله وعظم سلطانه:{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم} وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار فهو أقوى من البينة الشرعية لصراحته واحتمالها ومنها شيوع هذا الأمر وظهوره الذي يلزم منه وقوع الناس في عرض الأب الطالب لهذا الأمر وكذا في عرض المحكم، والكل داخل في هذا، قال أبو هريرة: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين من العلم؛ أحدهما بثثته في الناس، والثاني لو بثثته لأزيل هذا البلعوم ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. أي دع ما فيه شك إلى ما لا شك فيه، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: أليس وقد قيل. في جواب من طلب منه زواج امرأة قيل إن بينه وبينها رضاعا محرما، فقال له: أليس وقد قيل، فهذا الرجل لو كان له مدة في الدين أو العرض لتباعد عنها تباعد الضب من النون، وربما أن يكون هذا الأمر سببا لدخوله في سقر {وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر} فقد علمت ما يتلى عليك، وعلى فرض أن هذا المحكم وجد له وجها عند الشافعي مع أن الإقرار معمول به بالإجماع ولكن قد يخيل لطلبة العلم ما يظن أنه صحيح مع أنه لو لم يوجد منه إلا الإقرار فالعقد صحيح عند الإمام الأعظم أبي حنيفة، والعوام لا مذهب لهم، فكيف يسوغ الإقدام على مخالفة مثل أبي حنيفة قدس سره العزيز، قال بعض العارفين: والله لو علمت أن شرب الماء البارد يخل بمروءتي ما شربته. وأي خلل للمروءة أعظم من أن يشاع بين الناس أن حسنا -لا أحسن الله إليه- تزوج زوجة ابنه، فاتقوا الله ولا تكونوا من الغافلين فتلحقوا بالأخسرين أعمالا {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} والله تعالى أعلم.
[مطلب: باب ما يحرم من النكاح.]
(باب ما يحرم من النكاح)
[مطلب: عقد الأب على امرأة يحرمها على ولده.]
(سئل) عن أب عقد على امرأة ولم يدخل بها فهل تحل لولده أو لا.
(أجاب) لا تحل له لأن زوجة الأب وزوجة الابن وأم الزوجة لا يشترط فيهن الدخول فيحرمن قبل الدخول بخلاف بنت الزوجة فلا تحرم إلا بالدخول، والله أعلم.
[مطلب: بنت ابن الزوجة لا يحل نكاحها للزوج ولو بعد موت الزوجة.]
(سئل) في بنت ابن الزوجة هل يحل نكاحها للزوج بعد موت جدتها.
(أجاب) قال ابن حجر في بيان المحرمات المؤبدة وكذا بناتها أي زوجتك ولو بواسطة سوى بنات ابنها وبنات بنتها وإن سفلن إن دخلت بها بأن وطئتها في حياتها ولو