للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنابذة للشريعة الغراء، وخذلان يجب على كل من يؤمن بالله ويوم الحساب منابذة القائلين بذلك، والعاملين به في كل وجه وباب؛ لأنه أمر مبتدع وفسق مخترع لا يقول به أحد من أهل الكتاب ولا من الجاهلية، وغيرهم من ذوي الألباب، ولا يساعده عقل ولا نقل في كتاب، فالله حسيب العامل به ومحمد صلى الله عليه وسلم خصيمه وقصميه، وكيف يحل لمالك الفرس أخذ هذا المال ممن لم يجن ولم يقترف الذنب والخطيئة، ويترك المقر والجاني فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهذا شيء يجب التنبه له غفل عنه الناس أجمعون، وهو أنهم إذا سمعوا بهذا الأمر تساهلوا فيه، ولم يبالغوا في إنكاره مع أنه من أعظم ما يجب إنكاره ومعارضة فاعله وإضراره؛ لأنه نقض للشريعة حكما، وإبطال لها نثرا ونظما فتأمل واعتبر أيها الخائن الخاسر المعادي لله في دينه، ولنبيه في شرعه وتبيينه فلا تجوز المطالبة بهذا المال ولا العمل به، ويجب رد ما أخذ من الرجل الكبير عليه، ويجب على كل ولي أمر من قاض أو حاكم المنع من العمل بهذا الأمر الفظيع القبيح الوضيع، وتخليص مال الرجل وإيصاله له فما مآل المبتدع لهذا الأمر، والمؤيد له عند الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا وبار ودمار وخيبة وخسار وغضب الجبار، ثم العار والمصير إلى النار وبئس القرار، والله تعالى أعلم.

[مطلب طائفة من النصارى لهم دير خارج بيت المقدس إلخ]

(سئل) في طائفة من النصارى لهم دير خارج بيت المقدس وجد به جماعة مقتولون، ولأحد المقتولين أخت ادعت أن المغرى عليهم وكيل الطائفة المذكورين بإغرائه لبعض من هو مشهور بقطع الطريق ونهب الأموال وقتل الأنفس فأرشى عليها ونفاها من القدس الشريف فخرجت وهي معلنة بدعواها المذكورة في الطرقات والأسواق والبنادر التي حلت بها، وأنه راودها عن نفسها فأبت فلذلك أغرى على أخيها، ومن معه، ثم ظهر رجل أقر على نفسه أنه قتل من ذكر ومن معه جماعة من المسلمين سماهم ذكر منهم رجلا خادما عند السادة الداودية، فأخذوا ينسبون إليهم بألسنتهم ما لا يليق بهم، ولا ينسب إليهم، فهل يترتب على قول النصارى وأخبار الرجل حكم شرعي؟ وإذا قلتم لا فهل للحاكم أيدت أحكامه تعزير الطائفة القائلين ما ذكر، ومنعهم من غيهم وضلالهم أوضحوا لنا ذلك بالأدلة الساطعة والأقوال اللامعة والحجة القاطعة والبراهين الجامعة؟

(أجاب) اعلم وفقنا الله تعالى وإياك أن أفسق الفاسقين الكافر، وكذلك المذكور من الفاسقين بموجب إقراره بقتل النفس المحرمة، وقد قال: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}. قال البيضاوي: فتعرفوا وتفصحوا حال كونكم جاهلين

<<  <  ج: ص:  >  >>