قبيس: إن له وديعة عندي فخذها، فأخذ الحجر الأسود فعرفه إبراهيم وأخذه ووضعه مكانه، والله تعالى أعلم.
[مطلب في قوله تعالى: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن}]
(سئل) ما المراد بالحزن في قوله تعالى: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن}؟.
(فأجاب): قال ابن عباس: حزن النار، وقال قتادة: حزن الموت، وقال مقاتل: لأنهم كانوا لا يدرون ما يصنع الله تعالى بهم، وقال عكرمة: حزن الذنوب والسيئات، وخوف رد الطاعات، وقال القاسم: حزن زوال النعم وتقلب القلوب، وخوف العاقبة، وقيل: حزن أهوال القيام، قال الكلبي: ما كان يحزنهم في الدنيا من أمر يوم القيامة، وقال سعيد بن جبير: هم الجزاء في الدنيا، وقيل: هم المعيشة، قال الزجاج: أذهب الله تعالى عن أهل الجنة كل الأحزان ما كان منها لمعاش أو لمعاد.
روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم، وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رءوسهم ويقولون: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} الآية. والله تعالى أعلم.
[مطلب في قوله تعالى: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}]
(سئل) عن قوله تعالى: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير} فما مقدار التعمير؟ وما معرفة النذير؟
(أجاب) قيل: التعمير هو البلوغ، وقال قتادة: ثماني عشرة سنة، وقال الحسن: أربعون سنة، وقال ابن عباس: ستون سنة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك".
والنذير: قال أكثر المفسرين: هو محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: النذير: هو القرآن، وقال عكرمة وسفيان بن عيينة: هو الشيب معناه: أولم نعمركم حتى شبتم، ويقال: الشيب نذير الموت، وفي الأثر: ما من شعرة تبيض إلا قالت لأختها: استعدي فقد قرب الموت، والله أعلم.
[مطلب في قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}]
(سئل) ما معنى قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها} الآية؟.
(أجاب) سبب نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون بمكة إلى الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة أحب أن يستقبل بيت المقدس يتألف بذلك اليهود، وقيل: إن الله تعالى أمره بذلك ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إياه إن صلى إلى قبلتهم مع ما يجدون من نعته وصفته في التوراة، فصلى إلى بيت المقدس بعد الهجرة ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، فكان يحب أن يتوجه إلى الكعبة؛ لأنها قبلة أبيه إبراهيم، وقيل: كان يحب ذلك من أجل أن اليهود قالوا: يخالفنا محمد في ديننا، ويتبع قبلتنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: وددت لو حولني الله تعالى إلى الكعبة؛ فإنها قبلة أبي إبراهيم، فقال جبريل عليه السلام: إنما أنا عبد مثلك، وأنت كريم على ربك؛ فاسئل أنت ربك؛ فإنك عند الله بمكان، ثم عرج جبريل، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى