فى رجل من مدينة الخليل -على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء صلوات الملك الجليل- تزوج امرأة من مدينة الرملة ونقلها إلى الخليل، ثم أنها خرجت في غيبته وتوجهت إلى الرملة من من غير إذنه فهل تكون بذلك ناشزة تسقط مؤنتها؟
(أجاب) صرح أئمتنا متونا وشروحا بأن نشوز المرأة يسقط النفقة والكسوة، قال في المنهج وشرحه: وتسط مؤنتها بنشوز؛ أي خروج عن الطاعة للزوج ولو في بعض اليوم، كمنع تمتع ولو بلمس وكخروج من مسكنها بلا إذن منه لها؛ لأن عليها حق الحبس في مقابلة وجوب المؤن إلا خروجا لعذر كخوف من انهدام المسكن أو غيره، وتسقط بسفر ولو بإذنه؛ لخروجها عن قبضته وإقبالها على شأن غيره لا إن كان معه ولو في حاجتها، وبلا إذن، أو لم يكن معها وسافرت بإذنه لحاجته ولو مع حاجة غيره، فلا تسقط مؤنتها والله تعالى أعلم.
[مطلب بلدة وقع بها قتل ونهب إذا خرجت منها الزوجة لا تعد ناشزة إلخ]
(سئل) في بلدة وقع بها قتل ونهب وقتل أنفس وهدم أماكن وهجوم على الحريم، وقطع الجلب، وبعض أهل البلد خرج منها وبقي الباقي، وفي غالب الأوقات تقع الغارات بين من خرج ومن بقي، وغلت الأسعار غالبا، فصار الإنسان لا يأمن على نفسه ولا على ماله ولا على دينه ولا على عرضه، فهل إذا خرجت امرأة والحالة هذه أو أخرجها وليها خوفا على عرضها إلى مدينة تأمن فيها على نفسها وعرضها، فهل بهذا الخروج تكون ناشزا وتسقط نفقتها وكسوتها وإن لم يأذن لها الزوج؟
(أجاب) اعلم أن الدين والمال والعرض والنفس والعقل والنسب متفق على حفظها بين جميع الملل من المسلمين أهل الدين الحق، ومن أهل دين اليهود النصارى، وتسمى هذه الكليات الخمس أو الست، وهي محل نظر السلطان -نصره الرحمن في سلطنته- أن يحفظها على الناس، ويقيم الحدود على المرتدين بالقتل، وعلى أخذ المال بالسرقة بقطع اليد، وعلى أخذه بقطع الطريق بقطع اليد والرجل من خلاف، ويقيم الحد على الزاني المحصن بالرجم، وغيره بالحد والتغريب، وقاتل النفس بقتله، ويحفظ على المسلمين أنسابهم، فإن لم يوجد سلطان يقيم هذه الحدود الشرعية، ولا قاض يجرى الحدود الشرعية في بلد من بلاد الإسلام، وظهر بها ما ذكر، فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقيم بهذه البلدة، ويجب عليه الخروج منها حفظا لنفسه وماله ودينه وعرضه، هذا على الرجال البالغين العاقلين فكيف بالمرأة الضعيفة، فحيث كان الأمر كذلك وجب عليها الخروج حفظا لعرضها ودينها، فإن رضي الزوج كان ممن رضي الله عنه وإلا كان ممن غضب الله عليه وطرده حيث لم يبادر صيانة عرضه، بل لو كان الزوج أجنبيا عنها؛ لأن الدفع عن العرض واجب على كل إنسان، ولو كان أجنبيا عن المرأة وعبارة ابن الحجر عطفا على أن