ولقوله في هذه الرواية «ما أقام فيكم كتاب الله» ولما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن علي «لا طاعة لمخلوق في معصية، إنما الطاعة في المعروف» وروى أحمد والحاكم عن عمران والحكم بن عمرو القادري «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» قال العلقمي في شرح هذا الحديث: كأن رأسه زبيبة قال شيخ شيوخنا، يعنى الحافظ ابن حجر: واحدة الزبيب المعروف المأكول الكائن من العنب إذا جف، وإنما شبه رأس الحبشي بالزبيبة لتجمعها ولكون شعره أسود، وهو تمثل في الحقارة وبشاعة الصورة وعدم الاعتداد به، وقد ورد أيضا: مجدع الأطراف، أي مقطع الأطراف، ففيه من الأوصاف الذميمة كونه مسه الرق، سواء بقي على رقه كما في المتغلب أم عتق، وكونه حبشيا وكونه أسود وكونه رأسه صغيرا أسود وكونه مجدوع الأطراف، فهذه كلها تشعر بالنقص والخسة، ومع ذلك تجب طاعته لأن الخير كله في الطاعة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم أن الطاعة خير لنا من المخالفة؛ لأن ضررها أشد مخالفا حتى لو تغلب علينا عبد حبشي موصوف بما ذكر بطريق الشوكة، فإن طاعته تجب إخمادا للفتنة ما لم يأمر بمعصية، كما تقرر؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - شرط لطاعته أن يقيم كتاب الله تعالى وأنى ممن يقيم كتاب الله؟ وقد وقع لي قريبا أنى رأيت رؤية هائلة هي أنى رأيت رجلين عظيمين طويلين في غاية الطول، بالملائكة أشبه، على رأس كل واحد منها كتاب عظيم، فكأن أحدهما القرآن العظيم والثاني السنة المحمدية، ومرادهما العروج بهما إلى السماء لعدم عمل الناس بهما، وأنا أبكي وأتضرع إليهما، وحولي جماعة تقول لهما: نحن نعمل بهما، ونبكي جميعا، ثم استيقظت. نسأل الله تعالى العفو والعافية من إعراض الخلق عن الشرع القويم. روى أحمد والشيخان «من رأى من أميره ما يكرهه فليصبر عليه؛ فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية» وقد أخرج أحمد والشيخان وابن ماجه والنسائي عن أبي هريرة «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصي الأمير فقد عصاني» فلا يقوم نظام الإسلام إلا بالطاعة، أن تطيع الحكام كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن تطيعهم الرعايا} نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين {والله تعالى أعلم.
[مطلب في الحديث المروي في البخاري من حديث أبي سعيد: حياء رسول الله أشد من العذراء في خدرها الخ]
(سئل) عن الحديث المروى في البخاري من حديث أبي سعيد في حياء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها» أن التقيد بالخدر ليس فيه كبير مدحة لأنها قد تكشف وجهها وربما تعرت، ولا حرج إذ لم يكن هناك أجنبي، فما الجواب عنه؟