أن يكون ملائكة السؤال جماعة كثيرين يسمى بعضهم منكرا وبعضهم نكيرا، فيبعث لكل ميت اثنان منهم، وأما كون الميت يكشف له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجاب عنه الحافظ ابن حجر: إنه لم يرد في حديث، وإنما دعاه بعضهم بغير مستند سوى قوله في هذا الرجل، ولا حجة فيه؛ لأن الإشارة إلى الحاضر في الذهن، انتهى.
أقول: وقد وقع لي بالأزهر مرض شديد حتى رأيت ملائكة عظاما تمر بالأنبياء واحدا بعد واحد فيقولون لي: هذا نبيكم، فأقول: لا، فيقولون لي: صدقت، هذا فلان. وهكذا، وربما أيدت القول الأول، وأما كون السؤال قبل الدفن أم بعده فالصحيح بعده، فإن قدر أنه لم يدفن بأن أغرى عليه الكلاب، أو أكلته الوحوش، أو ألقي في البحر سئل قبل الدفن، ولو بحضور الناس، ولا يعلمون سؤاله، كما يقع للنائم من الرؤيا بحضور الناس مع تكلمه فيها، ولا يسمع الحاضرون له كلاما.
وأما إذا مات على حالة، فإنه يبعث عليها كالميت بالسكر يبعث سكران، وقد أخرج الأصبهاني في الترغيب من طريق أبي هدبة عن أشعث الحراني عن أنس مرفوعا "من فارق الدنيا، وهو سكران دخل القبر سكران" وأخرجه أبو الفضل الطوسي في عيون الأخبار من طريق أبي هدبة عن أنس، وفيه أنه يعاين ملك الموت سكران، ويعاين منكرا ونكيرا سكران، والله أعلم.
[مطلب: تمنع اليهود والنصارى من زيارة قبور الأنبياء لما يفعلونه من عدم الاحترام إلخ]
(سئل) في مراقد مشهورة للأنبياء الكرام والرسل العظام، مثل مرقد العزير، وشمويل، وشعيب وغيرهم من الأنبياء الكرام على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، فهل تمكن اليهود والنصارى من زيارتها مع ما يفعلونه في مراقد الأنبياء من القذرات، وحرق الثياب النفيسة مع ما فيها من القترة والدخان، كما يقع لليهود في مقام شمويل، وركوب أضراحها الشريفة بالجزم والبوابيج، كما يفعله اليهود في مقام شعيب بقرية حطين، وغير ذلك مما يقع منهم فيها مما يخالف الكتاب والسنة، بل والإجماع، والطريقة المألوفة لزيارة القبور لأهل الإسلام، ولما نص عليه العلماء من طريق زيارة الأنبياء الكرام من الآداب والخشوع والخضوع تجاه القبر الشريف لأحدهم؟
(أجاب) نص العلماء الأعلام أن أسماء الأنبياء تصان عن اليهود والنصارى، فلا يمكنون منها لأنهم، وإن اعتقدوا المسمى فاعتقادهم فيه باطل، كما في اعتقاد النصارى في عيسى أنه ابن الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وكذلك في أمه قال تعالى {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} وقولهم فيه ثالث ثلاثة، ونحو ذلك مما لا يقول به عيسى، ولا أمه.
ومثل ذلك قول اليهود في عزير أنه ابن الله، تعالى الله علوا كبيرا، وكذلك ضرائحهم الشريفة تصان عن كفرهم وضلالهم، قال تعالى {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام}، فإذا منعوا من