ولا معه سيئة والمعنى إذا عمل الإنسان عشرة سيئات وعمل حسنة واحدة فتمحى ذلك ويقال في ذلك: ويل لمن غلبت أحاده أعشاره فالآحاد السيئات والأعشار الحسنات؛ لأن الحسنة الواحدة تكفر عنه عشرة سيئات، فإذا زادت السيئات فالويل له إن لم يعف الله عنه، وروي أن آدم عليه السلام لما خرج من الجنة قال: يا رب أنزلتني إلى الأرض وسلطت علي إبليس فاجعل لي عليه سلطانا قال: لا يولد لك ولد إلا وكلت له ملكين يحفظانه قال: يا رب زدني قال: الحسنة بعشرة وأزيدها والسيئة بواحدة وأمحوها قال: يا رب زدني قال: باب التوبة مفتوح ما دام في الجسد روح.
وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى وكل بعبده ملكين يكتبان عليه، فإذا مات قال: يا رب قد قبضت عبدك فلان فإلى أين قال: سمائي مملوءة من ملائكتي يعبدونني وأرضي مملوءة من ملائكتي يطيعونني اذهبا إلى قبر عبدي فسبحاني وكبراني وهللاني، واكتبا ذلك في صحيفة عبدي إلى يوم القيامة وهذه بشارة عظيمة لهذه الأمة المحمدية حيث منحها الله تعالى بهذا الفضل العظيم والعطاء الجسيم والله تعالى أعلم.
[مطلب سئل فيما يفعله الناس من القيام لبعضهم إلخ]
(سئل) فيما يفعله الناس من القيام لبعضهم بعضا فهل هو جائز أو لا؟
(أجاب) قد رفع هذا السؤال للعلامة سيدي الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمهما الله تعالى وهو في القيام الذي أحدثه أهل زمننا مع أنه لم يكن في زمن السلف هل يجوز أو يحرم فكتب الجواب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا". وترك القيام في هذا الوقت يفضي للمقاطعة والمدابرة، فلو قيل بوجوبه ما كان بعيدا. وقال اللقاني رحمه الله تعالى: ثم إنه منهي عنه نهي تفرقة إذا فعل تعظيما لمن لا يحبه؛ لأنه يشبه فعل الجبابرة، ويوقع الفساد في قلب الذي يقام له ومباح إذا فعل إجلالا لمن لا يريده، ومندوب للقادم من سفر فرحا بقدومه يسلم عليه أو يشكر إحسانه أو القدم المصاب ليعز به بمصيبته، والله تعالى أعلم.
[مطلب فيمن يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم إلخ]
(سئل) فيمن يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم يقظة ومناما هل هي جائزة، ويرى ذاته الشريفة حقيقة، وما الحكم إذا رآه اثنان في آن واحد وأحدهما بالمشرق والثاني بالمغرب؟
(أجاب) اتفق الحفاظ رحمهم الله تعالى أن رؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة ومناما جائزة، لكن اختلفوا هل يرى الرائي ذاته الشريفة حقيقة أو يرى مثالا يحكيها، فذهب إلى الأول جماعة، وذهب إلى الثاني الغزالي واليافعي وآخرون. واحتج الأول بأنه صلى الله عليه وسلم سراج الهدى ونور الظلام وشمس المعارف كما يرى نور السراج والشمس من بعد المرئي جرم الشمس بأعراضه وخواصه فكذلك الجسم الكريم والبدن الشريف