للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: اكتب فيقول: لا لعله أن يتوب، فإذا لم يتب قال: نعم اكتب أراحنا الله تعالى منه فبئس القرين ما أقل مراقبته لله تعالى وأقل استحياءه لقوله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} فاسم الملك الذي على اليمين رقيب وهو الذي يكتب الحسنات، واسم الملك الذي على الشمال عتيد وهو الذي يكتب السيئات، وملكان بين يديك ومن خلفك لقول الله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} وملك قابض على ناصيته إذا تواضع لله تعالى رفعه وإذا تجبر على الله تعالى قصمه، وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وملك على فيك لا يدع الحية أو الهوام تدخل فيك، وملكان على عينيك ويقال: إن اسمهما شوية فهؤلاء عشرة أملاك على آدمي فتنزل ملائكة الليل على ملائكة النهار فهؤلاء وهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي.

وقال مجاهد: ما من عبد إلا وملك موكل به يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام فما منهم شيء يأتيه إلا قال له الملك: وراءك إلا شيء يأذن الله فيه فيصيبه. وقال كعب الأحبار: لولا أن الله تعالى وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطفنكم الجن.

وقال الفاكهاني: إن قلت: الملائكة التي ترفع عمل العبد في اليوم أهم الذين يأتون غدا أم غيرهم قلت: الظاهر أنهم هم وأنهم لا يتغيرون عليه ما دام حيا. واختلفوا في موضع جلوس الملكين من الإنسان فقال الضحاك: مجلسهما تحت الشعر على الحنك. قال البغوي: وكان الحسن يعجبه أن ينظف عنفقته. وروى أبو نعيم في تاريخ أصبهان أنه صلى الله عليه وسلم قال: "نقوا أفواهكم بالخلال فإنها مجلس الملكين الحافظين، وإن مدادهما الريق وقلمها اللسان، وليس عليهما شيء أضر من بقايا الطعام بين الأسنان". وذكروا أنهما يكتبان كل شيء حتى الأنين في المرض كما قال صاحب الجوهرة:

لكل عبد حافظون وكلوا

وكاتبون خيرة لن يهموا ... من أمره شيئا فعل ولو ذهل

حتى الأنين في المرض كما نقل

وإذا كانت الكتبة لا تهمل شيئا فحاسب نفسك لتربح الملائكة من التعب، وفائدة جعل الملائكة موكلين بالإنسان أنه إذا علم أن له حافظا من الملائكة موكلا به يحفظ عليه أقواله وأفعاله في صحائف تنشر له وتقرأ عليه يوم القيامة على رؤوس الأشهاد كان زاجرا له عن القبيح وترك المعاصي. وقال عكرمة: لا يكتبان إلا ما يؤجر عليه ويوزر. وروي أنه إذا كان الليل قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: تعال ألاقيك فاطرح أنا حسنة وأنت عشرا حتى يصعد صاحب السيئات

<<  <  ج: ص:  >  >>