أن إقرارها كان صحيحا؟ وإذا امتنع من الحلف يقضى عليه بما تدعيه؟
(أجاب) نعم لها الدعوى بأن إقرارها لم يكن عن حقيقة لأنا نعلم أن كثيرا من الوثائق تكتب قبل تحقيق ما فيها، فإن كان صادقا وأنها وصلها حقها فيحلف ولا ضرر، وإلا فلا يجوز له الحلف، فإذا عرض عليه القاضي اليمين ونكل عن الحلف قضى بنكوله ولزمه الحق، وذلك أقوى من البينة لأنه ينزل منزلة الإقرار وهو يثبت به الحق يقينا بخلاف البينة فإن الحق يثبت بها ظنا لاحتمال كذب الشهود، والله تعالى أعلم.
[مطلب: في أخوين سافرا إلى الحج إلخ.]
(سئل) في أخوين سافرا للحج الشريف فمات أحدهما ورجع الآخر لبلده، فقال جماعة للأخ: هل لك على أخيك دين؟ فقال: ليس لي شيء، ثم نصب القاضي وصيا على ابن الميت القاصر فادعى على الوصي أن له مبلغا معلوما في ذمة أخيه، فهل يقضى له بالدعوى أو يمنع من الدعوى ويعمل بإقراره لدى الجماعة الشاهدين عليه بأنه قال: ليس لي عند أخي شيء؟
(أجاب) الإقرار بنفي الأعذار يظهر ما في الأسرار ويوضح الحق للمنار، فدعوى المدعي بعد إقراره المرعى، يقتضي خللا أو خبلا فلا تسمع له الآن دعوى؛ لأنها توجب له البلوى، نعم بعد بلوغ ابن أخيه لو ادعى نسيانا أو عذرا في إقراره فإن صدقه ابن الأخ فذاك من الواضح البين، وإن كذبه فله تحليفه على نفي العلم لأنه حلف على فعل الغير وهو المورث، وأما الوصي فليس له معه دعوى لما علم لأنه لا يحلف حتى تسمع الدعوى، والله تعالى أعلم.
[مطلب: في رجل نزل بكرم تين إلخ.]
(سئل) في رجل نزل بكرم تين فأكل منه وخرج، فلذهوله وقع ببئر ثم أخرج منه، ثم سئل هل رماك أحد؟ فقال: لا، وكانت امرأة قريبة منه، ثم قالوا له: هل هذه المرأة رمتك؟ فقال: لا، فأشهدوا عليه الجماعة الحاضرين مجلس الإشهاد، والآن ظهر به خلل بدعواه ذلك فتارة يقول رمتني المرأة وتارة أقاربه يقولون رمته المرأة، فهل يعمل بقوله مع إقراره السابق أن ما رماه أحد لا المرأة ولا غيرها؟ وهل إذا أقام بينة أن المرأة رمته تقبل ويعمل بها أو لا تقبل إلا بينة إقراره وتقدم على بينته أم كيف الحال؟
(أجاب) الإقرار معمول به عند جميع العلماء، فحيث شهدت البينة العادلة بأن الرجل وقع بقضاء الله وهو الأصل المقتضي للإقرار فلا يعدل عنه إلى غيره، والإنكار بعد الإقرار كفر بعد إيمان فلا يقبل من المنكر شهود ولأنها تدعي كذبه في إقراره وهو أعلم بحال نفسه، فليتق الله قبل أن يحل في رمسه أو يحل جهنم بجسمه ونفسه، والله تعالى أعلم.
[كتاب العارية]
(سئل) في رجل قال لآخر: أعرني حمارتك أحملها قمحا من مدينة لد، فقال: لا أعيرها لك إلا إن أقرضتني قرشين وتحملها لي ولك، ففعل ما ذكر ثم أخذ الحمارة