اليهود فأبوا جميعا؛ لأنهم يعظمون إبراهيم وأماكنه، ويقولون: إنها مباركة وذريته كذلك وهو ينكرها، ويريد هدم مكانه والنصارى مثلهم بل أجل، وجميع أهل الإسلام على اعتقاد ذلك، فقد علمتم أنه ليس له فرقة من بني آدم تحويه إلا شيطان يغويه ونفس تطغيه، وقد علمتم أيها المؤمنون أن الله تعالى منذ خلق الخلق جعل هذه البلاد أعز العرب يخرج منها أنبياء وأولياء وعلماء يعلمون الناس دينهم من زمن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك العلماء والأولياء وما علمنا أن أزرون خرج منها أحد هذا الناس إلا هذا المضل الملحد، وما خرج إلا محنة لقلوب كثير من الناس الذي إيمانه على شفا جرف هار وما على مثله يعد الخطأ؛ لأنه أعجمي عنيد وشيطان مريد لا يفهم ما يقول، ولا يعول عليه في النقول، ولا نشأ عند قوم معظمين، ولا أخذ العلم من أشياخ منورين، وليس في بلاده ولي حتى يعرف قدره ولا نبي حتى يعظم أمره، بل صور وأجسام كأنها الأصنام، وقلوب طمسها علام الغيوب، ونفوس لوامة حركاتها ملامة، وأنفاسها ندامة حتى تلقيها في النار وتلحقها العار والوبار وغضب الجبار، وليس العجب منه؛ لأنه لا يعرف له أصل ولا سريرة، ولا سمع ولا مرمى ولا حقيقة ولا مبنى، بل العجب من أقوام تبعوه وزادوه ضلالا ووبالا ونكالا فتركوا دين محمد صلى الله عليه وسلم القويم الذي عليه الجماهير، وتبعوا دين الشياطين، وبذلك تعلم أن الدجال إذا خرج يكثر تبعوه فيعز مخالفوه، والله تعالى يعصم ديننا من التغيير، وإيماننا من التحويل، وأظن أن من تبعه قل منهم من يسلم من الوبار وغضب الجبار، ولا بد أن يلحقه العار {ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته} ومثلهم من تبع السامري على عبادة العجل فقال لهم: هذا إلهكم وإله موسى وقد عالجهم موسى عليه السلام ومع ذلك أشربوا حب العجل وما خرج من قلوبهم وهؤلاء أشربوا حب العجل وقل أن يخرج من قلوبهم ولو أن كاتبا كتب كرامات الأنبياء والأولياء أحياء وأمواتا لملأ الأسماع وأشاع وذاع فلا عجب من أعمي البصران ينكر الشمس ولا من الميت أن ينكر اللمس ولا من المصروف عن طريق الحق أن ينكر الحس فقد أنكرت السوفسطائية حقائق الأشياء والله سبحانه وتعالى الموفق والهادي للصواب.
[مطلب فيما اعتاده السادة الصوفية من التوجه إلى زيادة الأنبياء إلخ]
(سئل) فيما اعتاده السادة الصوفية من التوجه إلى زيارة الأنبياء والأولياء وتقبيل ضرائحهم والتوسل والاستغاثة بهم ويذهبون بالأعلام ويدقون طبول الباز والمزاهر هل ذلك حرام أم لا وإذا قلتم حرام فما الموجب لحرمته؟
(أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن زيادة القبور مستحبة مطلوبة لغير الأنبياء الكرام فما بالك بخيرة الله من خلقه وصفوته من عباده