زكريا الأنصاري: فإن لم يحكما أي الشريكان، القرعة كأن اتفقا على أن يأخذ أحدهما الجانبين، والآخر الثاني أو يأخذ أحدهما الخسيس والآخر النفيس، ويرد زائد القيمة، فلا حاجة إلى تراض ثان، فقد علمت أن مجرد الرضى الواقع بين الشريك على المقسوم كاف، ولهذا قالوا: وقد يقسم المشترك الشركاء يعني بالتراضي بينهم، وإذا وقع ذلك وبين المقسوم فلا نقض للقسمة، سواء كانت قسمة رد وهو ظاهر؛ لأنها بيع أم غيرها لوجود الرضى المذكور، والله أعلم.
[مطلب أخوان بينهما دار مشتركة. إلخ.]
(سئل) في أخوين بينهما دار مشتركة اقتسماها أولا وثانيا، ويخير أحدهما الآخر، والمخير يتقلب، فهل له ذلك كلما أراد.
(أجاب) حيث وقعت القسمة سواء كانت بتراض من الشركاء، أم كانت بمنصوب الحاكم، وهي بغير الإجزاء كما هنا، بل كانت بالتعديل أو الرد لم تنقض؛ لأنها بيع ولا أثر لدعوى الغلط والحيف فيه، كما لا أثر للغبن فيه لرضى صاحب الحق بتركه، فلا يجوز للأخ التقلب ولا يصغى لقوله، بل يلغى قوله لأنه خلاف الشرع القويم، والله أعلم.
[مطلب: رجل له دين على ميت أحاله به على جهة. إلخ.]
(سئل) في رجل له دين على ميت، أحاله به على جهة معلومة، وصار على الميت رسم قسمة، كما جرت به العادة، فهل يؤخذ رسم القسمة من الجهة المحال عليها أم لا؟
(أجاب) لا ريب أن حق المحال تعلق بالمحال عليه، وحق القاسم تعلق أولا ببيت المال، فإن لم يوحد فعلى الشركاء سواء طلب القسمة كلهم أم بعضهم؛ لأن العمل لهم قاله في المنهج كغالب كتب المذهب، إذا علمت ذلك علمت أن لا علاقة للقاسم بحق المحال؛ لأنه لم يعمل فيه شيئا، والله أعلم.
[مطلب في كروم بين أخوين اقتسماها. إلخ.]
(سئل) في كروم بين أخوين اقتسماها مناصفة بقضاء القاضي لهما، وقبض كل واحد منهما ما خصه بالقسمة ورضي وسقط الغبن، وجعل لأحدهما عشرين قرشا أسديا على الآخر زيادة لترجح قسمته على الآخر، وكتب بالمقاسمة حجة، ثم مات أحد الإخوة بعد أربع سنين عن طفل وتصرف وليه بالولاية عنه فيما بقي لأبيه من النصيب إلى أن بلغ وتصرف بعد بلوغه في نصيب الموروث عنه مدة ثلاث سنين.
والآن قام يدعي الابن على العم نقض القسمة، وقد مضى من تاريخ المقاسمة إلى يوم الدعوى سبعة عشر سنة، فهل تصح القسمة وإلا تنقض، وإذا ادعى الابن بأن المال المجعول لم يدفعه عمه لأبيه وإنه باق بذمته وادعى العم الدفع حال حياته يطلب منه البرهان أم يصدق بيمينه.
(أجاب) هذه القسمة التي فيها مال تسمى قسمة رد وهي بيع لما فيها من المال، فلا تنقض فيها القسمة بعد تمييز الحصص وتبينها لما علم ولو بعد مفارقة مجلس القسمة، وأما العشرون قرشا فتحتاج إلى إقامة البينة عليها، وإلا فاليمين على الطالب لها، والله أعلم.
(سئل) في أخوين نشآ في حضانة