للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع العود، وإلا فلا يقال لها ذلك، وقيل: هي كل ذي وتر؛ لأنها آلات الشرب فتدعو إليه، وفيها تشبيه بأهله وهو حرام.

وقد صح من طرق، خلافا لما وهم فيه ابن حزم، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير والخمر والمعازف" وقد علقه البخاري ووصله الإسمعيلي، وأحمد، وابن ماجه، وأبو نعيم، وأبو داود، بأسانيد صحيحة لا مطعن فيها، وصححه جماعة آخرون من الأئمة كما قاله الحفاظ، وهو صريح ظاهر في تحريم آلات الملاهي المطربة.

وقد حكى الشيخان أنه لا خلاف في تحريم المزمار العراقي، وما يضرب به الأوتار، وقال أبو حامد: سئل الشافعي رضي الله عنه فقال: أول ما أحدثه الزنادقة في العراق حتى يلهوا الناس عن الصلاة والذكر، وقد علم من غير شك أن الشافعي، رضي الله عنه، حرم سائر أنواع الزمر والشبابة من جملة الزمر وأحد أنواعه، بل هي أحق بالتحريم من غيرها.

إذا علمت هذه الأمور المذكورة من اليراع بأنواعه والمزمار والكوبة والطنبور ونحوهم حرام، بل ذهب كثير إلى أنها كبائر وسماعها كذلك، لا تقبل شهادة مرتكب ذلك، ويفسق بذلك، وكذلك عملها حرام؛ لأنه موصل للحرام، والقصد منها المعاصي علمت أنه لا أجرة لعاملها ولا جعل له، بل يجب إبطالها، وكذلك تعليم الزمر ونحوه، فإنه حرام لا أجرة للعمل، ولا للمعلم ونحوه.

ومثل ذلك كله صنعة محرمة كعمل الأواني مثل الذهب والفضة وآلات الخمر، وعبارة ابن حجر في المنهاج ومثله الرملي، أما التمويه فحرام في نحو سقف وإناء مطلقا خلافا لمن فرق؛ لأنه إضاعة مال بلا فائدة فلا أجرة لصناعه، كالإناء، ولا أرش على مزيله أو كاسره، والكوبة وغيرها سواء في ذلك، ويؤخذ من إطباقهم هنا على نفي الأجرة شدد.

وقول الماوردي والروياني يحل ما يؤخذ بصنعة محرمة كالتنجيم؛ لأنه عن طيب نفس، ويرد على ما علل به أن كسب الزاني كذلك، والخبر الصحيح أن كسب الكافر خبيث، وأن بذل المال في مقابلة ذلك سفه، فكل من أكل أموال الناس بالباطل، وقد شنع الأئمة في الرد عليهما فاتضح أنه لا أجرة لعمل ما ذكر ولا لمعلمه، بل يجب إبطاله كيف أمكن والجعل باطل، والله أعلم.

[مطلب رجل بينه وبين آخر عداوة إلخ.]

(سئل) في رجل بينه وبين آخر عداوة ظهرت من مدة قريبة، فهل إذا ثبتت عداوته ولو قبل الشهادة بأيام قلايل تقبل شهادته؟

(أجاب) صرح أئمتنا متونا وشروحا أن شهادة العدو عداوة دنيوية لا تقبل، وعرف العدو بأنه من يحزن لفرحه وعكسه، أي: يفرح بحزنه، فكل من وجد فيه هذا المنع لا تقبل شهادته، وعبارة المنهج مع شرحه لشيخ الإسلام، ولا تقبل الشهادة من عدو شخص عليه في عداوة دنيوية، لما روى الحاكم على شرط مسلم: "لا تجوز شهادة ذي الظنة، ولا ذي الجنة"، والظنة التهمة، والجنة العداوة

<<  <  ج: ص:  >  >>