للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

\٥٠

على ما جرى بعضهم. قال الشهاب بن حجر: ويجب أن يعدد العقود في منع أكثر من سنة مثلا، وإن شرط منع الاستئناف، كذا أفتى ابن الصلاح، لكن خالفه تلميذه ابن رزين وأئمة عصره فجوزوه في عقد واحد. انتهي.

وما نسب لابن الصلاح من القول بوجوب التعدد في محله، فإن عبارته تجوز في عقود مستأنفة، وإن شرط الواقف أن يستأنف، وقد قال الأذرعي في توسطه: لم يرد ابن الصلاح التقييد، بل بيان جواز الاستئناف وإن نص الواقف على منعه للضرورة. انتهي.

أقول: ويوجه ذلك بأن شرط كلام الله تعالى قد يخالف للضرورة، كأكل لحم الميتة عند الضرورة، وقد قال تعالى {كلوا من الطيبات} والله تعالى أعلم بالصواب.

[مطلب في وقف أهلي تداولته السنون والأيام وعجز أهله الخ]

(سئل) في وقف أهلي تداولته السنون والأيام وعجز أهله عن إيصال نسبهم إلى واقفه، لكثرة الأجداد وتشابه الأسماء من الواقف وأولاده؛ لأن كثيرا ما يسمى الولد باسم أبيه أوجده، ولكن أصل الوقف ثابت بالإشاعة والاستفاضة بين الناس، ومن قديم الزمان وقع التهايؤ والإفراز لهذا الوقف على ثلاث حصص لثلاث فرق من ذرية الواقف، فصار كل فريق متصرفا في قسم من الأقسام الثلاثة، بحيث تلقى ذلك عن أبيه عن جده، فهل يعمل بهذا التلقي ولا تنزع حصة ولا بعضها من يد واضع اليد عليها؟ وهل لحاكم الشرع طلب إيصال النسب إلى الوقف مع تشابه النسب وبعده؟ وهل إذا طلب أحد المستحقين زائدا علي ما بيده يمكن لكونه يدعي أن الوقف ثلثاه لعلاء الدين والثلث الثالث لشرف الدين، وأنه من ذريته فيختص به ويشارك في الثلثين مع التشابه المذكور؟ وهل إذا وصل نسبه بالإثبات بشرف الدين يكفي أو لا بد من بيانه البيان الثاني الرافع للجهالة من بيان الألقاب المميزة والآباء والأمهات؟ أفد جوابا شافيا ونصا وافيا وقولا ساطعا وفعلا لامعا تعط الثواب جامعا ممن له العطاء ومن جوده كشف الغطاء.

(أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن منصب الحكم رفع الإلباس عن خفايا حوادث الناس باعتماد العدول الشاهدين بالحق المظهرين للصدق، وعند الاشتباه في الأسماء وتباعد الأجداد يعسر ذلك غاية العسر، وربما تعذر ذلك كما هو معلوم مشاهد، بل إن الإنسان يجهل آباءه وأجداده، فإذا علم الوقف بالاستفاضة فليس للحاكم طلب إيصال النسب البعيد المتعذر، بل يكفي فيه الاستفاضة، كما صرحوا به متونا وشروحا، كما صرح به في الروض والعباب والمنهج والمنهاج، وقال ابن حجر: حيث جهل شرط الواقف اتبع فيه العرف المطرد في زمنه لأنه بمنزله شرطه، ثم ما كان أقرب إلى مقاصد الواقفين، كما يدل عليه كلامه، وقال غيره أيضا: إذا جهل الناظر قسمة الوقف اتبع من قبله، فحيث

<<  <  ج: ص:  >  >>