وحكم الحاكم الواقع في هذه الدعوى منقوض عند الإمام أبي حنيفة قدس سره كما حررته في سؤال كبير وقع لنا في مثل هذه الصورة سئل عنها المرحوم الشيخ خير الدين، ورتبنا عليه صورا كثيرة، فلا يكون رافعا للخلاف عندنا وهو ظاهر، وظاهره ولا عند الحنفية لبطلانه عندهم، ويكون هذا مخصصا لقولهم شاهداك زوجاك؛ أي حيث صحت الدعوى، وهنا لم تصح الدعوى لكون الأب غير خصم، والذي يشهد به متون الحنفية وجواب الشيخ خير الدين في النظم أن الباطل إنما هو الحكم فقط، ويدل لذلك المدرك وهو كون الأب غير خصم وإنما الخصم البنت، فإذا بطلت الدعوى على الأب فتقام على البنت إذ لا مانع منها وليس في مشروط الدعوى عندنا وعندهم ما يمنع الدعوى عليها إلا الدعوى على الأب فهي صحيحة عندنا لو وقع منهما عقد صحيح مشتمل على مشتق نكاح أو تزويج، فهذا إن لم يقو الدعوى عند الحنفية لا يبطلها، فإن أقام الزوج البينة العادلة بشروط الدعوى الستة المذكورة في محلها فالزوجة زوجته، وإلا فلها إبطالها، فإن أقام بينة أخرى فلها دفعها وهذا معنى قوله في النظم والزيد واقع، وإذا ثبت النكاح به يجوز الزوج عليها بوجهه الشرعي على المذهبين فلا خيار لا عند الشافعي - وهو ظاهر لأنه لا يقول بالخيار في النكاح - ولا عند أبي حنيفة قدس سره، ولأنه لا يقول به في نكاح الأب كما هو صريح متونهم وشروحهم كتب عاجلا؛ لأنا في الاشتغال لأجل النزول لزيارة الكليم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، والله أعلم.
[مطلب: رجل زوج بنته لآخر بمحضر شهود بمهر المثل وظهر لها راغب بأزيد فهل صح العقد أو لا؟ إلخ]
(سئل) عن رجل زوج ابنته لآخر بحضور شهود بمهر مثلها وقت العقد وهو قادر على صداقها ثم ظهر راغب بأزيد من مهر مثلها فهل لأبيها أن يزوجها من الثاني والحالة هذه؟
(أجاب) حيث كان الزوج موسرا بحال الصداق مع بقية الشروط فالمعمول به النكاح الأول وليس لأبيها أو غيره أن يزوجها ولو كان مهرها الثاني جبلا من ذهب، بل هو باطل إذا وقع بإجماع المسلمين، ولا يجوز لغير زوجها الأول وطؤها فإن وقع فهو زنا يجب على كل مسلم علم به الإنكار حتى لو أدى إلى قتل أو قتال فلا دية للمقتول ولا إثم ولا كفارة على قاتله؛ لأن الدفع عن البضع واجب شرعا على كل مسلم علم به، والله أعلم.
[مطلب: عم له ابن أخ مات عن بنت قاصرة فزوجها لابنه فهل يصح العقد أم لا؟]
(سئل) عن عم له ابن أخ مات عن بنت قاصر زوجها العم لابنه، فهل يصح هذا النكاح أو لا؟
(أجاب) البنت القاصر لا يزوجها إلا الأب أو الجد دون غيرهما، فزواج العم لابنة أخيه القاصر لولده غير صحيح، والله تعالى أعلم.
[مطلب: رجل جاء له بنت فقيل له مباركة، فقال له على حبل يديك، فهل لا ينعقد النكاح أم لا؟ إلخ]
(سئل) في رجل جاءت له ابنة فقيل له: مباركة، فقال له: هي على حبل يديك تراها جاءت لك، فقال: وأنا قبلتها ومهرها أربعمائة قرش والحال أنه غير