للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقف أن يطلب زائدا على الستة قروش المذكورة؟.

(أجاب) لا ريب أن ما ذكر يسمى خلوا، وهو معمول به في مصر والشام والحجاز والروم؛ لأن الحاجة بل الضرورة داعية لذلك، ولا ريب أن الإنسان لا يبذل ماله مجانا، فيقابل مال الرجل حصة من الأجرة، بل هو شريك في المحل بعمارته له وصيرورته صالحا للانتفاع، وعلى ما ذكر من الخلو والعمل به الأئمة الأربعة، كما نص عليه السيد أحمد الحموي في حاشيته، بل زاد أن الخلو يصرف وقفه، ونقله عن المالكية، وقال هو به، وهو مقتضى مذهب الشافعي لأنه صرف ماله فيما صرفه، ولا سيما إذا وضع في الحانوت أعيانا كأحجار وجص وتراب وأخشاب، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر يعمل بذلك، والله تعالى أعلم.

[مطلب في مسجد قديم له أرض وقف عليه قديمة الخ]

(سئل) في مسجد قديم له أرض وقف عليه قديمة بموجب حجج وشهود يشهدون بذلك بالإشاعة، والمتولي على الجامع يضبط ريعها له ولأرض من داخل حدود بلد هي وقف على التكية العامرة، والمتولي عليها يعارضه في ذلك، مع أن وقف الجامع سابق على وقف القرية المذكورة، ويلزم من منع غلة هذه الأرض للجامع المذكور خرابه وعدم انتفاع المسلمين به لتعطل شعائره بذلك، فهل يجوز لأحد من المسلمين أن يسعى في ذلك، أو يعارض أو يمانع، مع أنا في ديار مقدسة وبلاد مباركة نرى النصارى قد أحكمت معابدها وبعض من يدعي الإسلام يسعى في خرابها، ما الحكم؟.

(أجاب) قال الله جل جلاله وعظم سلطانه {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم} فالآية وإن ذكر لها أسباب خاصة فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقال الله تعالى {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} قال: أي إنما يستقيم لهؤلاء الجامعين للكمالات العلمية والعملية، ومن عمارتها تزيينها بالفرش وتنويرها بالسرج وإدامة العبادة والذكر ودروس العلم فيها وصيانتها مما لم يسن لها، كحديث الدنيا، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال «قال الله تعالى: إن بيوتي في أرضي المساجد، وإن أرواحها فيها عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، فحق على المزور أن يكرم زائره» إذا علمت ذلك علمت أن المعارض في الأرض الذي يريد أن يمنع ريعها للوقف اللازم لذلك خراب المسجد بتعطيل شعائره يكون داخلا في الوعيد الشديد وأنه إنما يكون مؤمنا إن سعى في عمارتها، فمفهومه أنه إذا سعى في خرابها يكون غير مؤمن، وإني أعظك وأحذرك من عذاب الله تعالى ومقته، لا تعارض المساجد بما يعود عليها بالضرر

<<  <  ج: ص:  >  >>