للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينادي مناد من عند الله تعالى: ألا من كان يطلب مظلمة فليجئ إلى حقه فليأخذه، قال: فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو أخيه، فيأخذه منه، وإن كان حقيرا. والله تعالى أعلم.

[مطلب: في قوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات}]

(سئل) ما معنى الأمانة في قوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}؟

(أجاب) نزلت هذه الآية لما أخذ علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مفتاح الكعبة من طلحة بن عثمان قهرا منه لما قدم - صلى الله عليه وسلم - مكة عام الفتح، فأمر - صلى الله عليه وسلم - عليا برد المفتاح لعثمان، ويعتذر إليه، فدفعه إليه وقال له: إن الله تعالى أنزل في شأنك قرآنا وقرأ عليه هذه الآية، فأسلم، فكان المفتاح معه إلى أن مات فدفعه إلى أخيه شيبة، وبقي المفتاح في أولاده إلى يوم القيامة. وقيل: إن الآية عامة في جميع الأمانات التي يحملها الإنسان. وقال ابن مسعود: الأمانة لازمة في كل شيء حتى في الوضوء والغسل من الجنابة والصلاة والذكاة والصوم وسائر أنواع العبادات. وقيل: الأمانة هو ما أنعم الله تعالى به عليه من سائر أعضائه، فأمانة اللسان حفظه من الكذب والغيبة والنميمة ونحو ذلك، وأمانة العين غضها عن المحارم، وأمانة السمع أن لا يشغله بشيء من اللهو والفحش والأكاذيب ونحوه، ثم سائر الأعضاء على نحو ذلك. وقيل: الأمانة رعاية أمانة الله تعالى مع سائر عباد الله تعالى، فيجب عليه رد الودائع والعواري إلى أربابها التي ائتمنوه عليها، ولا يخونهم فيها، ولا يطفف في الكيل والوزن؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له». انتهى. والله تعالى أعلم.

[مطلب: في قوله تعالى {ما أصابك من حسنة فمن الله} إلخ]

(سئل) ما معنى قوله تعالى {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك}؟

(أجاب) المعنى: ما أصابك أيها الإنسان من خير ونعمة فمن فضل الله تعالى عليك، يتفضل به إحسانا منه إليك، وما أصابك من شدة وبلية ومشقة ومكروه وأذى فمن نفسك، أي بذنب اكتسبته نفسك، فاستوجبت ذلك. وقال الكلبي: ما أصابك من خير فالله أهداك له وأعانك عليه، وما أصابك من أمر تكرهه فبذنبك عقوبة لذلك الذنب وإضافة السيئة إلى فعل العبد على سبيل الأدب، بل الفعلان راجعان إلى الله تعالى. والله أعلم.

[مطلب: في قوله تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} إلخ]

(سئل) عن قوله تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها} الآية، ما المراد بالخلود هنا؟ وقال الشيباني في عقيدته: ولم يبق في نار الجحيم موحد ولو قتل النفس الحرام تعمدا؟

(أجاب) المراد بالخلود في الآية لمن يستحل القتل، ومن استحل قتل مسلم كان كافرا، وهو مخلد في النار بسبب كفره، وقيل: إن الخلود لا يقتضي التأبيد، بل معناه طول المكث؛ لما ورد أن الله تعالى يعذب قاتل المؤمن عمدا في النار إلى حيث شاء الله، ثم يخرجه منها بفضل رحمته وكرمه. وقيل: إن قاتل المؤمن عمدا عدوانا إذا تاب قبلت

<<  <  ج: ص:  >  >>