غير ذلك من الضلالات التي لا تخفى وقد سئل ابن عبد العال الحنفي بما صورته في عرب البوادي نحو عرب السعادنة وبني عطية إذا طلق أحدهم امرأته، أو مات زوجها تزوجها آخر بعده بنحو جمعة أو أقل من ذلك لا يعتدون مطلقا ويستحلون ذلك، وإذا توفي أحدهم عن عشر بنات مثلا وله ابن عم أو نحو ذلك لم يورثوا البنات مطلقا، ويرثه ذلك الرجل ويستحلون ذلك ويقولون بالجهة، وهو أن أحدهم إذا حلف قال: وحياة ربنا هذا الأخضر ويشيرون إلى السماء ويعتقدون ذلك، وإذا قيل لأحدهم: بعث في هذا الزمان نبي صدق ولم يتوقف ولا يؤمنون بالبعث والنشور، وإذا قيل لأحدهم أيضا: إن ربنا يحيي الخلق بعد موتهم ويحاسبهم على الصلاة وغيرها فيقولون: لا ندري ولا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ودأبهم الفساد في الأرض وقطع الطريق فما حكم الله تعالى فيهم؟ وما يجب عن الإمام في حقهم شرعا؟
(أجاب) من استحل حكم ما علم أمر حرمته في دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، ثم ينظر بعد ذلك إن تاب ورجع تقبل توبته، وينبغي لولاة الأمور أن يعملوهم الأحكام لاحتمال أن يكون فعلهم للجهل، فإن لم يرجعوا حل قتلهم وأخذ أموالهم، ثم ينظر في حال نسائهم إن كن مؤمنات مكرهات لا ذنب لهن ويعلمن الأحكام، فإن لم يتبن حل سبيهن وبيعهن كالحربيات، ويجب على الأعراب تعلم الأحكام فإن الأعراب أهل جفاء بخلاف العرب؛ فإن الله تعالى ذم الأعراب وهم أهل البادية، فإن قطعوا الطريق وأخذوا الأموال وقتلوا الأنفس فللإمام أن يقطع أيديهم وأرجلهم إن أخذوا قبل التوبة وكانوا مؤمنين فإن استمروا على اعتقادهم كما في السؤال يقتلون بلا انذار.
[مطلب أيضا خاتمة المحققين خير الدين إلخ]
و (سئل) أيضا خاتمة المحققين الشيخ خير الدين عن ذلك بما صورته في طائفة من الفلاحين دعوا إلى الشرع الواضح المبين في قصة تتعلق بالجنايات من قتل وجراحات فأبوا قائليين: لا نعمل بالشرع، وإنما نعمل بدعائم العرب والفلاحين فماذا يترتب شرعا؟
(أجاب) إن قالوا ذلك لاعتقادهم عدم حقيقة الشرع أو استخفافا فلا ريب في كفرهم بإجماع المسلمين، ويجب أن يجري عليهم أحكام المرتدين، وإن لم يكن واحدا منهما فقد اختلف في كفرهم، قال في جامع الفصولين قال لخصمه: حكم الشرع كذا، فقال خصمه: من برسم كارس كتم حكم في كفره وقيل: لا ومعنى هذه الألفاظ أنا أعمل بالعادة لا بالشرع وأبدل القول الأول بفرع عن عماد الدين مثل ما في جامع الفصولين في كثير من كتب المذهب، وأما عقوبة المذكورين وإهانتهم فواجب على حكام المسلمين؛ لأن العرب والفلاحين غلب عليهم إهمال الشرع والرجوع إلى الدعائم وربما تطرقوا إلى هدم الشريعة بالكلية