المقت والطرد من الله تعالى فإن هؤلاء القوم جلسوا مع الله تعالى على حقيقة الصدق وإخلاص الوفاء، ومراقبة الأنفاس مع الله تعالى وقد سلموا قيادهم إليه وألقوا أنفسهم سلما بين يديه تركوا الانتصار لأنفسهم حياء من ربوبيته واكتفاء بمعلوميته، فقام لهم بأوفى ما يقومون لأنفسهم وكان هو المحارب عنهم لمن حاربهم، والغالب لمن غالبهم كما جاء في الخبر الإلهي:"من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب" أي أعلنته أني محارب له.
وقال الشيوخ العارفون قدس الله تعالى أرواحهم: أقل عقوبة المنكر على الصالحين أن يحرم بركتهم ويخشى عليه سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى. وقال الشيخ شاه بن شجاع الكرماني رحمه الله تعالى: ما تعبد المتعبد بأكبر من التحبب إلى أولياء الله تعالى. وقال الشيخ أبو نصر السراج رحمه الله تعالى: إن هؤلاء الذين يطعنون على هذه العصابة لا يكون فيهم أحد يرجع إلى دين، وكلهم منسلخون من الدين أعاذنا الله تعالى وإياكم بفضله ورحمته ووفقنا لما يحب ويرضى.
وقال بعضهم شعرا:
أتقدح فيمن شرف الله قدره ... ولا زال مخصوصا به طيب الثنا
رجال لهم حال مع الله صادق ... فلا أنت من ذاك القبيل ولا أنا
والله تعالى أعلم.
[مطلب سئل عن الاعتقاد في السادة الصوفية إلخ]
(سئل) عن الاعتقاد في السادة الصوفية، وفي كل أحد من الخلق هل هو واجب أو مستحب، وهل يقال: إن في كل مسلم بركة؟
(أجاب) اعلموا أيها المسلمون وفقنا الله تعالى وإياكم لما يحب ويرضى أننا إذا رأينا مسلما ماشيا على الطريقة المرضية مما جاء في الكتاب العزيز والسنة النبوية فاعتقاده والقرب منه والاقتداء به أمر مندوب إليه، وإذا رأينا مسلما مستورا ظاهره الخير لم نطلع منه على ما ينكره الشرع فتحسين الظن به واعتقاد خيريته واحترامه مستحب، فقد روى الديلمي في مسند الفردوس عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرن أحدا من المسلمين فإن تصغير المسلمين عند الله إثم".
وروى ابن ماجه عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة، ويقول: ما أطيبك وأطيب رحيك ما أعظمك وما أعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله منك ماله ودمه وإن نظن به إلا خيرا، وذلك أيضا سنة السلف والخلف.
وقال إمامنا الشافعي رحمه الله تعالى: من أحب أن يقضى له بالخير فليحسن ظنه بالناس. وإذا رأينا شخصا عاقلا تاركا لبعض الواجبات أو كلها مرتكبا للمنهيات كذلك فلا نعتقده ولا نحسن الظن به، بل ننكر عليه ونأمره بالمعروف حفظا لقوانين الشريعة