على الذكر بها عدة أحاديث صحاح وحسان روى الإمام أحمد عن يعلى بن شداد قال: حدثني أبي شداد بن أوس وعبادة بن الصامت حاضر وصدقه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل فيكم غريب يعني أهل الكتاب؟ فقلنا: لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب فقال: ارفعوا أيديكم وقولوا لا إله إلا الله فرفعنا أيدينا ساعة، ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم قال: اللهم بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة وإنك لا تخلف الميعاد، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أبشروا فإن الله عز وجل قد غفر لكم. قال المنذري: إسناده حسن.
وأما الذي يجب على الشيخ في تأديب المريد فهو أن يقبله لله تعالى لا لنفسه فيعاشره بحكم النصيحة ويلاحظه بعين الشفقة، ويلاينه بالرفق فيربيه تربية الوالدة لولدها والوالد الشفيق الحليم لولده وغلامه فيأخذه بالأسهل ولا يحمله ما لا طاقة له به، وإذا رأى شيئا مما يكره في الشرع وعظه في السر وأدبه ونهاه عن المعاودة إلى ذلك.
ومن آداب المريد أن لا يتكلم بين يدي شيخه إلا في حالة الضرورة، وألا يظهر شيئا من مناقب نفسه بين يديه، ويكون متهيئا لخدمة شيخه، ويحذر من مخالفته؛ لأن مخالفة الشيخ سم قاتل فيها مضرة عامة، وعليه الانقياد لالتزام ما يأمره به شيخه من التأديب، فإن وقع منه تقصير في القيام بما أشار إليه شيخه فالواجب عليه تعريف ذلك لشيخه ليرى فيه رأيه، ويدعو له بالتوفيق والتيسير والفلاح.
واعلم أن طريقة الفقراء عشرة أشياء: الأول الذكر، والثاني الطاعة، والثالث الإيثار، والرابع القناعة، والخامس التوحيد، والسادس التوكل، والسابع التسليم، والثامن التأمل، والتاسع الشكر، والعاشر الفكر. فمن اتصف بهذه الصفات يكون فقيرا حقيقة وألا يكون مدعي ذلك زنديقا.
واعلم وفقك الله تعالى أن رأس الفقر كلام رب العالمين، وروح الفقر حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وجسم الفقر إشارة المشايخ العارفين، وقبلة الفقر الحقيقة، وغسل الفقر الطريقة، وصلاة الفقر الشريعة، وأصل الفقر حسن الخلق والمحبة، ومفتاح الفقر الصدق، وثمرة الفقر المعرفة، وكنز الفقر المسكنة، وجوهر الفقر معرفة نفسك، وما من شيء أقرب إليك من نفسك، وإذا ما كنت تعرف القريب فكيف تعرف البعيد.
ثم اعلموا أيها المريدون الصادقون وفقنا الله تعالى وإياكم لمرضاته ورزقنا وإياكم صحبة الصالحين من عباده، وأعاذنا وإياكم من صحبة المنكرين الطاعنين على هذه الطائفة أنه جواد كريم أنه يجب على المريدالصادق أن لا يصخب ولا يلتفت، ولا يصغى إلى المبعودين المطرودين عن الله تعالى الواقعين في أوليائه المستهزئين بهم؛ لئلا يسقط من عين الله تعالى، ويستوجب